فرط الاستذكار.. تصور أنك لا تنسى أي موقف مررت به، ماذا سيحدث لعقلك حينها؟!

. فيما أرى أن النسيان نعمة وأن تذكري لغدر صديقة أو خيانة حبيب ما هو إلا معاقبة لذاتي فحسب.

بالفعل هو نعمة يا شيماء، لولا النسيان لكانت قتلتنا الذكريات والتفاصيل.

1\1\2010 سيخبرك بدرجة حرارة ذاك اليوم ومع من كان جالسًا وماذا كان يرتدي!

هذي كثير جدا، أنا أتذكر لكن ليس بهذا الشكل العجيب.

والآن أي الجانبين تفضل، جانب النسيان أم الاستذكار

بالتأكيد أفضل جانب النسيان، لكن ليس الكلي أي بمعنى ننسى ونتذكر، التوازن بين هذا وذاك.

وبرأيك كيف يعيش مرضى فرط الاستذكار حياتهم وهل يستمتعون بها؟

إنهم يتألمون أضعاف ما يستمتعون، لأنه حتى الذكريات الحلوة تكون مؤلمة أحيانا.

النسيان هو نعمة كبيرة جعلها الله فينا، فالحمد لله، احيانا ابدأ افكر مثل ما دار حوار بينك وبين تقوى، قد دار اضعافا بيني وبين ذاتي، وفي الاخير اصل بان لولا النيسان لما استطعت ان انظر للامام، لما نظرت لبعض الاشخاص الذين اساؤوا لي، النسيان يمكننا من تجاوز الكثير من لحظات الضعف، تخيلي لو لم اننا نسينا تفاصيل خسارتنا هل ستنستطيع المقاومة والنهوض من جديد؟ لا مستحيل سنبقى في نفس المكان ننذب على حالتنا وحظنا.

لذلك الحياة تستمر سواء بالاستذكار او بالنسيان، والحياة قصيرة ايضا ويتشافى الانسان بالنسيان بأفضل حال.

لقد كتب الشاعر الأمريكي في قصيدة له أن "الحياة طويلة جدا" لذلك وبصراحة أفضل جانب النسيان.

وبرأيك كيف يعيش مرضى فرط الاستذكار حياتهم وهل يستمتعون بها؟

أعتقد انهم لديهم فرصة للاستمتاع بالحياة إن تعاملوا مع طبيب نفسي ليساعدهم من التخلص من الحمولة الشعورية الخاصة بالذكريات الصعبة، كممارسة الEMDR على سبيل المثال.

الأحداث التي نمر بها تحمل حمولة عاطفية بالإضافة لكونه تشكل تجارب يتعلم منها الإنسان. تذكر حدث معين يكون غالبا مصاحبا باسترجاع شحنة العواطف والمشاعر التي صاحبت الحدث حال حدوثه مرة أخرى، وهنا نقطة مهمة، العقل لا يميز بين الشعور المرتبط باللحظة والشعور المعاش، فيعتقد أن الحدث وقع آنيا ويعيش نفس المشاعر مرة أخرى، الشيء الذي يرهق الإنسان نفسيا. لذا فيجب التخلص من الحمولة العاطفية للألم بالتصالح مع الذات واتباع بعض تقنيات علم النفس في المجال.

الشيء الآخر هو التجارب، يجب العمل على التعلم من التجارب وتذكرها دون ربطها بالمشاعر.

ما أعمل على القيام به مثلا هو أنني أقوم بكتابة جملة تعبر عن التجربة وتكون خالية من المشاعر وأرددها، كي أفهم المغزى من التجربة وأقوم بفصلها عن الحمولة العاطفية المؤذية.

قد لا أكون مصابة بفرط الاستذكار، ولكنني بالتأكيد شخص يستذكر أدق التفاصيل والتواريخ، والساعات، وأفضل هذا الامر على النسيان لأنني أعتبره نعمة حيث من النادر أن أنسى أي أمر ، فيصعب خداعي أو الكذب علي، أو أن أغفل عن أمر، وأجد أنه إلا حد كبير تمرين عقلي ممتع

في السياق نفسه، قد نتناول مسألة النسيان بشكل عام، سواء كانت طويلة الأمد أو منحصرة في فترات مقتضبة من الزمن، كنوع من أنواع التعايش. أرى أن ثقافة النسيان تعد استراتيجية أساسية في صلب نجاة الإنسان، وأحد أبرز جوانب قدرته النفسية على المواكبة والتخلص من التخبط الإنساني المستمر. علينا أن نتفهم أهمية دور هذه الآلية السيكولوجية التي نتمتع بها، وعلينا أيضا أن نعمل على تحسين هذه الآلية بصورة قصيرة الأمد، أي أن نتقن الاستراتيجية على فترات متفرقة من اليوم، فين حين أننا لا ننسى مجمل الذكرى على المدى الطويل.

بالأمس كنت أستمع لقصة على يوتيوب.. بطل القصة أسماه أهل القرية بـ عمّ إبليس (أي أن إبليس يكون ابن أخيه)

تعرّض هذه الرجل للتنمّر.. وكرهه جيرانه، ورفض أهل القرية تزويجه أحد بناتهم، بل وصل الأمر إلى نبذه..

أتعلمين لمَ كلّ ذلك يا شيماء؟؟

كان في العاشرة من العمر، حين ذهب مع والده لمنزل صديق لوالده وما أن رأى ابنة ذلك الرجل حتى قال: هذه ليست ابنتك، إنها ابنة أخيك، وابن أخيك هو ابنك.

كان الأمر صدمة للجميع، وظنوها كلمات طفل لا يعي.. فيما بعد جاء صديق الأب لبيت والد الطفل وطلب أن يجلس مع الصغير (حيث كان يشكّ بالأمر)، وحين جلس معه سأله: أعد عليّ ما قلته لي؟؟

كرّر الصغير ما قاله، فسأله الرجل كيف عرفت؟؟

قال: لقد كنتُ موجوداً حين رأيت زوجة أخيك تقوم بتبديل ابنتها مكان ابنك، حيث ساعدتها الداية في ذلك وأعطتها زوجة أخيك مبلغاً من المال..

نظر الرجل بتفاجؤ للطفل وقال له: هل جننت؟؟ إن كان ما تقوله صحيحاً فقد كان عمرك عاماً ونصف حين ولدت ابنتي.

يبدو الامر مربكاً وأنا أستمع للقصة.. حتى قال الراوي حينها بأنّ مشكلة هذا الطفل الذي كبر ونبذه الجميع أنه من الحالات التي لا تتكرر في القرن إلا مرة واحدة.. وذكر المقدم اسم الحالة (لست متأكدة ولكنها قد تكون ذات الحالة التي تتحدثين عنها)!!

لذلك ربما لو سألت سؤالك هذا قبل أن أستمع للقصة لقلت جميل أن لا ننسى، حينها لن يتمكن أحد من أن يخدعنا..

لكن بعد استماعي للقصة، أقول الحمدلله على نعمة النسيان.. فكلّ ما هو شاذ عن الطبيعة مرفوض وله معاناته!!..

في الواقع أنا أتذكر الكثير من الأمور التي مرت في حياتي وتفاصيلها ليس لدرجة المتلازمة التي ذكرتيها كأن أتذكر درجة الحرارة والملابس و هذه التفاصيل فأنا بالأساس شخص لا يهتم بالتفاصيل كثيراً ، ولكن أتذكر الحدث الأساسي سواءً كان مؤلماً أو مفرحاً .

ولكن الجيد في الأمر أنني أتذكر الأحداث فقط ولا أسترجع المشاعر مثلاً أتذكر حادثة مرض والدي التي كانت مؤلمة جداً في وقتها ولكن الآن أصبحت لا تحرك في داخلي أي مشاعر.

أما بخصوص محو الذكريات الذي تحدثت عنه فهو موجود بالفعل و هذه التقنية تستخدم في العلاج النفسي ويمكن للشخص أن يقوم بها بنفسه ؛ ليس المقصود فيها محو الذكريات فعلاً بل تغيير المشاعر المرتبطة بها من سلبية إلى إيجابية