حتى الأفلام لم تعد مصدر سعادة وتغيير للمزاج كما يقولون. شاهدتُ فيلمًا كان ممتعًا، لكن النهاية حزينة، وأنا أشعر بالحزن الشديد، ربما لأنني حزينة أصلًا وهذا الفيلم دعم الحزن لدي. لكن لا أعرف كيف أصف شعوري، فرغم حزني الشديد وعيوني التي تدمع، لا أستطيع أن أذرف دمعة وأبكي كما كنت. والآن اكتشفت أن المقدرة على البكاء أيضًا نعمة كبيرة.
عانيتُ من الاكتئاب لسنوات طويلة، لكنني كنت أتعايش معه. وتأتي أيام أعتقد أن هذا الشيء انتهى، لكنه يعود أحيانًا. أكون سعيدة وأضحك بشكل هستيري مبالغ فيه، ثم بعد ثوانٍ أنهار وأدخل في حالة حزن ودوامة كئيبة. مثلًا: أنا أخطط لنخرج وكل شيء يتم، لكن في اللحظة الأخيرة وقبل الخروج أُلغِي كل شيء وأبقى في منزلي.
وأحيانًا، وأنا جالسة في قمة السعادة مع أحبائي، فجأة أريد الانعزال والبكاء وحدي. لكنني أتعامل مع هذا الأمر، وكثرة الأحداث والأشياء التي تحدث في الحياة تدعم هذا الشيء. ولهذا، تلك الفترة التي زيفتُ بها نفسي ربما فقط أردتُ الهروب من شيء بداخلي. طوال الأشهر الثلاثة السابقة لم أكن زينب، كنت شخصًا آخر. بالبداية أعجبتني تلك الهوية التي صنعتها، لكن سرعان ما بدأت زينب تعود إلي وتعلو بداخلي من جديد، رغم أنني أحب زينب كثيرًا، طموحة وذكية لكنها محطمة أيضًا، وتعيسة أحيانًا.
أشفق عليها فعلًا، وأحيانًا أخرى أريد التجرد منها. لكن لا يستطيع الإنسان أن يتجرد من نفسه مهما حاول وقاوم، دومًا ما ستعود إلى ذاتك ونفسك ومشاكلك. وهكذا هي الحياة، وربما هذا هو ما يميزها.
في الفيلم الذي شاهدته، كان عيد ميلاد البطلة، وأهداها صديقها حذاءً ذا كعب عالٍ باللون الأحمر، كان يشبه تمامًا حذائي العالي الأحمر الذي اشتريته بعد بلوغي 20 عامًا. وقد أعجبني فعلًا وأحببته، وكنت سعيدة أنني اشتريته لأرتديه في حفل تخرجي.
المهم، أنا طولي 165 وربما 168، أي في هذه الحدود. ورغم سعادتي بهذا الحذاء الجميل، وهذه المرة الأولى في حياتي التي أشتري فيها حذاءً من هذا النوع، إلا أن أمي اعتادت أن تختار لي الملابس والأحذية. وبسبب طولي، كما هي تعتقد، أنها لا يجب أن أرتدي حذاءً عاليًا.
الجزء الأهم هنا: عندما ارتديت هذا الحذاء العالي، وجدت ملامح أمي غاضبة وتقول لي:
“يا زينب، أنتِ طويلة، لا ترتدي هذا الحذاء العالي، ستكونين نشاز.”
لقد كسرت فرحتي فعلًا، وهذا كان يوم تخرجي بالمناسبة، ولم تحضر هي ولا أي فرد من عائلتي. ذهبتُ بمفردي، وليست هذه المرة الأولى، ففي حفل تخرجي السابق أيضًا من المدرسة الابتدائية لم تحضر.
بقيت هناك وحيدة أشاهد الأمهات والآباء مع أطفالهم، يأخذون الصور والضحك والهتاف. كانت لحظات سعيدة جدًا، حتى أن بعض الأطفال كانوا أيتامًا من الأم أو الأب، ورأيت الطرف الذي على قيد الحياة قد حضر معهم. وأنا، كلا والديّ على قيد الحياة، ولم يحضر أحدهما. أخذت شهادة تخرجي سريعًا وعدت للمنزل وحيدة، دون حتى صورة تذكارية، وكنت أول من يغادر الحفل. لم أبقَ كثيرًا، فقط انتهت المراسيم وعدت. كنت طفلة.
ربما سأكتفي بهذا القدر من جراح الطفولة المؤلمة والتي ما يزال تأثيرها باقيًا لليوم. وهذه الأشياء المتراكمة، وما جاء بعدها، هي ما صنعت مني هذا الشخص الكئيب التي أمي تقول إنها تكره الجلوس معي بسبب طاقتي السلبية التي أعطيها لها. بل حتى لو كانت تطبخ وأنا بالمطبخ معها وسقط منها شيء، مثلًا، تلومني وتقول إن هذا حدث بسبب وجودي الذي يجلب الحظ النحس لها
التعليقات