لا أعرف من أين أبدأ، هل هناك فائدة من الحديث في أمور لن نخرج منها إلا زيادة في الألم وشعور العجز؟

كانت تكبرني بـ١٢ عامًا، شخص لئيم، تعاملني بكراهية ولؤم منذ صغري، وتقول هذا لي في وجهي.

لم أحبها يومًا، كنت أتجنب أن أتواجد معها.

كانت دائما ماتدخل في شجار مع والدها (رحمه الله)، وتترك المنزل لتذهب للمبيت عند أقاربها.

حتى تزوجت من شخص يشبهها في الدناءة بعد وفاة والدها بقليل.

كم كنت أتمنى ألا يُولد طفلٌ في بيت كهذا.

لكن رزقها الله طفلًا، لم تكن تحبه، فقد كانت تتمنى فتاة صغيرة.

كانت هي وزوجها يعاملانه بقسوة دائمًا، فيضربونه ويسبونه.

بعد فترة، كان زواجها على وشك الانهيار، لكن ليس قبل أن تُصر على محاولة الحمل مرة أخرى، لتحقق حلمها وتنجب فتاة، وكانت أسعد لحظات حياتها.

بعد الإنجاب بفترة بسيطة تفاقمت المشاكل مع زوجها وتطلقا.

ثم عادت للعيش مع والدتها، دائمًا ما تتحدث بسوء عن ابنها، وكيف أنه يشبه زوجها وباقي الرجال.

ولكن ابنتها؟ لا، فالعكس تمامًا هي تحبها وتدللها.

لم أكن أظن أن طفلًا صغيرًا يمكن أن يصرخ بتلك القوة.

عندما كان الجو شديد البرودة، وكانت تغيّر له ملابسه، وكان يتحرك كثيرًا، فقامت بضربه عدة صفعات على جسده الصغير العاري تمامًا من الملابس.

حاولت تخيل مقدار الألم، فلم أستطع، فعندما نصطدم بشيء صغير في الجو البارد، نصرخ بشدة من الألم، فكيف بطفل صغير؟

عندما نكون في تجمع عائلي ويفعل ابنها شيئًا خاطئًا ولو بسيطًا، تناديه وتقوم بأخذه لغرفة مظلمة في نهاية المنزل، وتقوم بضربه بقسوة، وتغلق الباب، وتتركه يبكي في الظلام، وتعود لنا مبتسمة لتستكمل معنا أطراف الحديث.

أتذكر إحدي المرات التى ضربته فيها بقسوة، لاحظت والدتي ان ملامح وجهى تشع غضبا وأكزُّ على أسناني من الغضب فأمسكت يدي وقالت "ملكش دعوة أنت متدخلش علشان متجبلناش مشاكل"

وأقسم أني كنت على وشك تحطيم وجهها فى الطاولة الزجاجية.

وأسوأ ما في الموضوع هو الخذلان، فالجميع يشاهد، الجميع متفرج، ولكن لا أحد يهتم.

كل ما يقولونه لها هو: "حرام عليكي، متضربيهوش!"

يا لقلوبك الكبيرة!

حدثوني: كيف أقول لهذا الفتى عندما يكبر أن يكون رحيمًا بوالدته؟

الأمر الأكثر رعبًا، أن يرث ذلك الطفل هذه القسوة لتستمر سلسلة المعاناة للجيل التالي.

ربما لهؤلاء الأباء ، وجدت دار المسنين.