البعض قد ينجح صدفة، أو يأتي للدنيا فيجد كل معطيات النجاح متاحة له وما عليه سوى تسخيرها لما يرغب من نتائج، لكن الأغلبية الكبيرة لا تدرك النجاح إلا بمقابل.
منا من يخسر ويتنازل عن راحته، منا من يتنازل عن وقته أو أسرته أو علاقاته أو أهله أو .....، ومقابل هذه التنازلات يصل لنجاح يريده، لكن مع خسارة وتنازل لم يريده.
كمن ينجح في كسب المال وتحقيق النجاح في الغربة، لكن في المقابل يزور ابنائه كل عام كما لو أنه غريب عنهم.
فكيف برأيكم نحقق النجاح الذي نريده دون أن نضطر للخسارة والتنازل ؟
النجاح دون تنازلات فكرة مثالية يصعب تحقيقها تمامًا، لكن ما يمكن فعله هو اختيار نوع التنازل وتحديد حجمه. فليس كل تنازل خسارة، أحيانًا يكون خطوة واعية لإعادة التوازن. التجارب علّمتني أن المهم ألا يكون التنازل في الجوهر: لا تتنازل عن نفسك، قيمك، أو الأشخاص الذين يشكّلون جزءًا حقيقيًا منك. قد تتنازل عن وقت، عن راحة، عن بعض الفرص، لكنك حين تعرف لماذا تفعل ذلك، ولأجل ماذا، يصبح الأمر أقرب للاستثمار منه إلى الخسارة. النجاح الحقيقي لا يُقاس فقط بما نكسبه، بل بما لا نخسره في الطريق إليه.
في بعض الأحيان اسراء يخونني عقلي وينصرف للتفكير فيما أنا عليه، وولله ما سأقوله ليس غرور بل وصف للواقع أنا فعلت ما عجز أغلب من بعمري فعله، أصغر مدير تنفيذي في تاريخ مؤسسة عالمية، أكثرهم امتلاكا لشبكة علاقات مؤثرة في دول عديدة خبرة وإنجاز ومهارة، لكن في المقابل ليس عندي صديق وتخليت عن أكثر فتاة تعلقت بها بحياتي فقط لأنه كان علي السفر للعمل مع الفريق ورفض أهلها ذلك، هذا يحدث معي كثيراً وأشعر بحزن غريب على نجاحي، عندما أدخل مقهى لأخذ مشروب أو راحة أجد أصدقاء من نفس عمري جماعة مع بعضهم يضحكون ويتناوشون وربما لا يملكون فقط سوى حق المشروب، أسأل نفسي اينا نجح فعلاً من عاش أم من حقق ما يريد بالتنازل!
بصراحة لا أعتقد أن النجاح بدون بعض التنازلات ممكن بسهولة، كأننا نريد أن نحصل على طبق شهي دون أي بهارات، فالنجاح دائمًا يحتاج لتضحيات سواء في الوقت أو الراحة أو العلاقات أحيانًا، المهم أن نختار تنازلاتنا بحكمة ونوازن بينها حتى لا نفقد ما يجعل حياتنا ذات معنى، فإذا كان النجاح بدون خسارة لكان حلماً جميلاً نتمناه لكنه نادر الظهور في الواقع.
بصراحة مازلت أشعر أن هذا ممكن، أنا مثلاً لي صديق ترك أهله سافر للخارج وهو الآن يعمل بمجال الدروب شوبيج، ألم يكن يمكن أن يعمل هنا وسط أهله وأسرته واصدقائه خصوصا أن ذلك كان متاح، أشعر أننا نتنازل بسهولة ولم يفكر أحد في نجاح بلا تنازل حتى أصبح التنازل وكأنه قاعدة وشرط أساسي فما رأيك بذلك ؟
ربما لا يحتاج إلى السفر فعلاً، وكان بإمكانه أن ينجح وهو بين أهله وأصدقائه، لكن حتى لو بقي هنا لا بد له من مساحة يخطئ فيها بهدوء، ويجرب بحرية وربما ينعزل أحيانًا ليعيد اكتشاف نفسه، لعل المشكلة ليست في السفر بحد ذاته، بل في أننا اعتدنا ربط النجاح بتضحيات جسيمة، مع أن ما نحتاجه أحيانًا هو بيئة حانية تمنحنا أمان التجربة، ورغم ذلك برأيي لا نجاح يخلو تمامًا من تنازل، فالتنازل جزء من الطريق لكن المهم ألا يكون عن أنفسنا أو عمن نحب.
على الاقل سيكون تنازله هنا أقل حتى لو كانت خطوات النجاح تسير ببطئ لكن أفضل من سرعتها دون أن ينجح وليس معه أحد
النجاح الحقيقي ليس فقط ما نحققه في العمل أو المال، بل كيف نحافظ على كرامتنا وعلاقاتنا وصحتنا النفسية خلال الرحلة.
التنازل عن الراحة أو الوقت أو العلاقات قد يكون ضروريًا مؤقتًا، لكن إذا تحولت التنازلات إلى خسائر مستمرة ومستدامة، فهذا مؤشر على فقدان التوازن.
ربما الحل يكمن في إعادة تعريف النجاح حسب أولوياتنا الشخصية، والتأكد أن ما ننجزه يتوافق مع ما نُقدّره في حياتنا، وليس فقط مع مقاييس المجتمع أو الآخرين.
لا أظن أن هناك أي نجاح يأتي بدون أن تفقد شيئاً ما تحبه .. شيئاً ما تضحي به .. واقع التجربة خاصتي يخبرني بذالك الأمر ، لذا قد لا أملك إجابة على سؤالك لكن سأتابع معك التعليقات لنرى ما يقترحه الزملاء.
ألا تعتقد مثلاً أن هذه قاعدة مسلم بها ولكن خاطئة، ولأننا لم نحاول بجدية التفكير بها والبحث عن بديل لها أصبحنا نتنازل دون تفكير في بدائل تحقق النجاح بلا تنازل ؟
إجابة صريحة، لا سبيل لذلك أبدًا. النجاح أو اي قرار حياتي يقابله بلا شك مقايضة أخرى -حتى لو كانت بسيطة- هي بمبدأ الاختيارات والقرارات، تُسمى مقايضة. مثلًا من سيكون صاحب تجارة واسعة، سيوفر مبالغ مالية كبيرة لمنزله ولكن حضوره الشخصي هو التضحية، وسبيل النجاح هنا، هو أن تكون إجازاته هي فترات للعائلة فقط والاستمتاع معهم، وقضاء وقت مهم مع الأبناء بحسب حاجتهم الشخصية. ومن سيختار الوجود في المنزل مع الأبناء أكبر قدر ممكن، غالبًا سيضحي بعوامل مثل السفر للعمل في الخارج، أو حتى العمل في وظيفة قد تتطلب ساعات طويلة ويقابلها مبالغ أكبر مثلًا.. ما يهمني قوله "كل اختيار نقرره.. أمامه اختيار نتخلى عنه".
بمثالك هذا ألا يمكن أن يوفر مال يكفي الأسرة فقط وهنا ينجح في توفير احتياجات الأسرة دون تنازل عن وقته وتواجده معهم، لو فعل لكان بذلك حقق نجاح دون تنازل، لكن أظن المبالغة في تعريف النجاح المالي هنا جعلته يسعى لتكوين حساب بنكي به اصفار كثيرة على حساب اسرته فما رأيك بذلك!
يعتمد على ما تعنيه كلمة نجاح، هل هو الرحلة الهدف، العلاقات السوية، المكاسب المادية أم ايجاد التوازن مع كل ما سبق.
في العديد من الأحيان قد نتخلى عن منطقة راحتنا لبوغ أهدافنا لنكنشف فيما بعد فرصا لا حصر لها.
والبعض قد يفقد مبادئه في تلك الرحلة
عندما نقول تنازلات ما هو المقابل، صحتنا، كرامتنا، علاقاتنا، إنتماؤنا ..
تأكد بأنك لست أنت قبل خمس سنوات هذا إن لم نقل البارحة، طريقة تفكيرك تعريفك للحق والصواب وحتى تصنيف بلوتو ككوكب أم لا.
لكن المقارنة بين ما نتنازل عنه وما نكسبه لا تكون مجزية ولا مربحة ورغم ذلك الجميع يتنازل دون تقكير كمن يختار الغربة، أو العمل ١٢ ساعة مقابل مئة جنيه، أو العمل في وظيفتين، أو ترك شريكة حياته لأجل نجاحه، إهمال تربية الأبناء لصالح تأمين مستقبلهم، أنا متفق أن لكل نجاح متطلبات لكن أختلف مع فكرة أن تكون باهظة ورغم ذلك نتنازل عنها
لا يوجد نجاح بلا تنازل في رأيي، حتى أن العقاد في كتابه "مراجعات في الآداب والفنون"، ذكر ما سماه "فدية الأدب"، ومعناه أن كل أديب يجب أن يدفع فدية مقابل تميزه في الأدب، هذه الفدية يسرقها الأدب من عقل الأديب، أو من نفسه، أو من جواسه، أو من خلقه.
هذا المفهوم يوضح أن أغلب المميزات في الدنيا تتطلب التضحية بمقابل أمامها، ولا تمنح مجاناً.
حتى في المثال الذي ذكرته بخصوص العقاد أشعر أنها مبالغة، أو محاولة لوضع مبرر لتنازلات تحدث فقط بلا مبرر فخلق لها هو مبرر، فما الذي يتنازل عنه كاتب مثلاً!
في عصر لم يكن فيه إنترنت ولا ذكاء اصطناعي، كان الكاتب يقضي كثير من الوقت في المطالعة، ووقت أكثر في الكتابة والتأليف، إذا كنت تعرف يكتب كتاباً فلابد أنك تعرف كمية الوقت المطلوبة لذلك، على هذا قس الوقت المطلوب لشخص تأليف الكتب وكتابة المقالات هي مهنته، هل سيحظى بالوقت لقضاء وقت جيّد مع أسرته مثلاً؟
فكرت كثيرا في هذا الموضوع إسلام لم أصل لإجابة محددة ولكن ربما الفكرة كلها تتمحور حول نظرتنا للنجاح أو اصرارنا على طريق واحد له، أعني ما هو تعريف النجاح؟ هل تحقيق أكبر قدر من المال؟ هل الوصول لمكانه معينة في مجال معين أو الفوز بلقب معين؟ هل هو شعور بالسعادة أو الرضا عن الحياة بشكل عام؟ لا يوجد تعريف محدد بل كل إنسان منا يسعى لمفهوم معين للنجاح من خلال النظر لما ينقصه أو لما يظن أنه يحتاجه، ولكن أيا كان هذا التعريف فأنا أعتقد أنه يمكن تحقيقه بدون وهم التضحية أو التنازل إذا فقط غيرنا الطريقة أو المسار الذي نسعى لتحقيق الهدف عن طريقه.
التعليقات