لقد ذهب اليوم أخي الأصغر مني دون أخذ إذن، دون توسّل، دون سؤال، ذهب ليمرح بالمسبح ثم عاد ليريني تلك الصور وهو يمرح براحة تامة، كيف يغوص، كيف يسبح بمهارة عالية ويتفاخر. أنا طبعًا من العار أن أذهب إلى أماكن كهذه رغم وجود مسابح مخصصة للنساء، لكن بنظرهم الجيم والمسبح هو مكان إذا ذهبت له فقدت شرفي ولوّثت شرف العائلة.
حسدت أخي، قلت له سأذهب أيضًا، غضب وتغيرت ملامحه وغادر المكان وقال سأخبر أبي إذا ذهبتِ. لاحظت أن الذكور في عائلتي بكل مرة أكون سعيدة، جميلة، في كامل أناقتي وعلى وشك الخروج مثلًا، غالبًا ما يخبروني أنني قبيحة ولا يجب أن أخرج والكثير من الكلام، بل بعض النساء أيضًا مع الأسف.
بدأت أسأل نفسي: متى ينتهي هذا العذاب؟ هل مجرد أن أستيقظ كل يوم وأتناول الطعام وأدرس وأتمشى بحدود غرفتي حياة؟ دومًا ما اعتدت أن أحدق فقط من النوافذ وأحاول تخيّل كيف هي الحياة بالخارج، لأنني أخرج قليلًا ويجب قبلها أن أتعب وأخطط وأجاهد في سبيل خروجة مع صديقتي لساعة أو ساعتين. لذلك منذ فترة استسلمت وقررت ألّا أخرج بعد اليوم لأنني تعبت جدًا، شيء بسيط وهو من أبسط حقوقي بهذه الصعوبة. لا فرق لهذا العيش عن السجن، ربما يكون أشبه بالسجن المفتوح.
هل الدين والله فعلًا يقبل أن أعاني فقط لأني وُلدت أنثى بهذا المجتمع؟ أنا لا أعتقد ولا أؤمن أن الإله متعصب لهذه الدرجة، وكأن الدين يُطبّق فقط علينا.
تُفتح المقاهي الجديدة والأماكن وأرى الناس يشاركون الصور وهم هناك يقضون وقتًا ممتعًا، وأنا فقط أنظر لذلك. حذفت مواقع التواصل لأنني لم أعد أحتمل ذلك.
قبل أيام خضت نقاشًا مع أبي وكنا لم نتحدث لأيام فقط لأنني ارتديت بنطالًا وليس عباءة، بينما هو يمرح ويسرح ويحتسي الخمور ويرتاد الملاهي ويخرج مع النساء. كيف يا أبي أنت هكذا قاسٍ معي؟ من حقي أن أختار ماذا ألبس وماذا أفعل.
تبًا لهذه الحياة، لا أتذكر آخر مرة لامست الشمس بشرتي. أصبحت عندما أخرج لا أستطيع الكلام وأتوتر، أقوم بتصرفات غريبة تمامًا كالمسجون حين يُطلق سراحه. والآن أنا استسلمت للواقع لأنني تعبت من عمل كل شيء بالخفاء والخوف والتخطيط فقط لتناول كوب قهوة مع صديقتي والدردشة قليلًا.
مؤخرًا أمي اقترحت لي السفر مع أقاربي وأبي وافق بصعوبة لأنه سينفق المال عليّ، وهي سفرة لدولة جميلة. لكن أتعرفون من يذهب أيضًا؟ الرجل الذي لطالما تحرش بي وأنا طفلة، وأنا مراهقة أيضًا. وأمي تعلم بذلك ولم تجرؤ حتى أن تقول له لماذا، بل أوصتني أن أصمت وألتزم السكوت، والآن تضحك وعلاقتها طبيعية مع هذا الرجل لأنها ببساطة لا تريد فقدان روابط الأسرة بسببي.
وأنا أيضًا أجبرتني الحياة أن أعود أتصرف بشكل طبيعي مع هذا الرجل وكأن شيئًا لم يكن. لذا لدي شخصية مزدوجة حاليًا: جزء طبيعي يضحك معهم، والجزء الآخر هذا بحدود غرفتي فقط. وأمي عصبت حين قررت أن ألغي سفرتي معهم. كيف يا أمي العزيزة أستطيع أن أكون سعيدة وأنا معهم بنفس الفندق، الأماكن، الطائرة؟ كيف يا أمي الحبيبة التي كما تقول تحبني كثيرًا وتحميني دومًا وضحت لأجلي وخسرت صحتها وكل شيء، كيف يا أمي أخبريني
التعليقات