كان جدي جالساً بجانبي بعد أن احتفلنا بتفوقي في الثانوية العامة و حصولي على معدل يؤهلني للدراسة في كلية الطب البشري ، أخبرني حينها و بكل جديّة أنه مصر على تسجيلي في كلية الطب البشري ، إضافة إلى أنها كانت ضمن أهدافي و طموحاتي منذ صغري ، أخبرته مبتسمة : " و لا يهمك يا سيدي " ، فإذا به يبتسم و يقول أنه يريدني أن أكون طبيبة مميزة و مؤثرة في المجتمع و أن أتخصص في جراحة القلب لمعاناته من مرض القلب ، أخبرني حينها أن وصيته لي بعد تخرجي أن أقيم يوماً مجانياً لعلاج المرضى إكراماً لروحه .

رحل جدي خلال هذه الحرب ، رحل دون أن يرى تحقيق حلمي ، رحل تاركاً ألماً لا يحتمل بداخلي ، دُمِّرَت الكلية يا جدي و توقف التعليم و فقدنا أبي كما فقدنا مصدر رزقنا أيضاً ، تمنيت ألف مرة لو رحلتُ عن هذا العالم الموجِع بدلاً من ثقل وصيتك على كتفي .