يقول وقد اعتصر الألم صدرَه:

ما اقترب مني أحد إلا وتركني بعدها. أعلم أنني لستُ ملاكًا ولكني لست شيطانًا أيضًا فأنا أستحق شخصًا يقف بجواري، يحبني كما أنا، و يتقبلني كما أنا ويمسك بيدي فيجبر خاطري ويسد فراغ قلبي.

أتمنى معاملةً كتلك التي أعاملهم بها؛ فأنا الذي لم ينمْ ليلة إلا واطمأن عليهم. أنا الذي تخلى عن سعادته حتى يشاركهم حزنهم وكربهم؛ ذلك أني لم أرد لهم أن يذوقوا مرارة موقفي، فكنت حين أراهم يتألمون أقسو على نفسي وأجبرها على المواساة، تلك النفس التي لم تستطع إخماد النيران داخلها، ها أنا أقحمها في معارك لا ناقة لها فيها ولا جمل، بل أزيدها ألمًا على آلامها.

لكن لا بأس، ما أنا فيه هو بسببي؛ فأنا المدمن للتفاصيل. أتمنى أن يتوقف عقلي عن التفكير ولو ليومٍ واحد. أتمنى أن يمنحني الله نعمة النسيان. أتمنى أن أعيش يومًا دون التركيز في أدّق الكلمات وتذكر المشاهد مرارًا وتكرارًا. أتمنى أن أتعايش مع من حولي دون أن تضنيني فكرة ثقل وجودي عليهم وأنني شخص سيء ينتظرون أول فرصة لطرده من حياتهم .

أتمنى شخصًا يفهم ما في داخلي دون أن أعبّر. يكفي أن يسألني كيف حالك؟ فأخبره إني لست بخير؛ فقد أرهقت نفسي بالكتمان وكثرة التفكير.

على أية حال يبدو أنني سأبقى في المحطة منتظرًا وصوله، عسى الحياة لا ترسل لي برسالة محبطة تخبرني فيها بأن أستمر كما أنا صديقًا لنفسي؛ فلقد مللت الوضع حقًا.