أثناء مشاهدتي لعدد من لقاءات رجال الأعمال مثل نجاتي ونجيب ساويرس، لاحظت أن الرأي السائد لديهم هو أن فكرة الموازنة بين العمل والحياة ليست إلا “فقاعة” غير واقعية. فكيف يمكن للإنسان أن يصل إلى مستوى عالٍ من النجاح دون أن يهمل حياته الاجتماعية وأهله وأصدقاءه؟
الموازنة بين العمل والحياة ليست إلا فقاعة غير واقعية
الكلام صحيح ولكن بالنسبالى له تحليل آخر
بطبيعة الحال الوصول إلى نجاح كبير يتطلب اختلالا في الميزان لفترة طويلة
فليس هناك رجل أعمال ناجح حقق قفزة كبيرة بدون مراحل ضغط ، ساعات عمل طويلة ، وانغماس كامل وهذا واقع
ومن الميلمات أن مرحلة البناء دائماً غير متوازنة
والذي يراها “فقاعة” يقصد أن النجاح الكبير لا يأتي مع نمط يومي هادئ ومنضبط مثل الموظفين
لكن الإهمال الكامل للحياة الشخصية ليس شرطا للنجاح
الخلط يأتي من الاعتقاد أن النجاح = تدمير الحياة الاجتماعية ،، وهذا غير صحيح
توجد قاعدة تفرض نفسها عند كل طموح
- في مرحلة الصعود .. الأولويات مختلة لصالح العمل
- بعد استقرار المشروع .. يمكن إعادة ضبط الإيقاع واسترجاع جزء من الحياة الشخصية
- المشكلة أن كثيرين يعيشون “مرحلة الصعود” طوال عمرهم وهذا شكل من أشكال الأدمان
الحديث عن التوازن مرتبط بالمرحلة، وليس بالمبدأ
التوازن كمبدأ صحيح ،، لكن كحالة ثابتة يومية أثناء بناء عملك صعبة وغير واقعية
الطموح العالي دائما له كلفة ،، والذكاء أن لا تتحول “الفترة المؤقتة” إلى “أسلوب حياة” يستهلك الإنسان تماما
الخلاصة
النجاح دون أن تدفع أي ثمن… غير موجود.
وما يميز القادة الأقوياء هو أنهم يعرفون متى يضغطون ومتى يعيدون الاتزان ولا يقبلون أن يكونوا ضحايا للعمل ،
بل هم من يتحكمون في الإيقاع
تحليلك صحيح هناك أمر مهم أيضًا النجاح اليوم لم يعد قائم فقط على الضغط الكبير والعمل الطويل كما كان في الماضي تغيّر العالم وأصبح كثير من الناس ينجحون من خلال تنظيم العمل وتوزيع المهام لا من خلال إرهاق أنفسهم النجاح الآن يعتمد على اختيار فريق يساعدك ونظام عمل واضح وإدارة جيدة لطاقتك وهذا يجعل مرحلة البناء أقل ضرر على حياتك الشخصية هناك طريق آخر يقوم على الاستمرارية الهادئة عمل بسيط لكن ثابت يصنع نتيجة كبيرة مع الوقت دون أن يخسر الإنسان راحته لذلك لم تعد المعادلة نجاح مقابل حياة شخصية بل نجاح متوازن يعتمد على التخطيط الصحيح النجاح الحقيقي هو أن تصل دون أن تفقد نفسك أو قدرتك على الاستمتاع بما وصلت إليه
احدثك من منظور شخصي، الأمور لا تدور بهذه الطريقة
ف مثلًا كم من مرة اضعت تجمع عائلي للعمل، او الغيت خروجة مع الاصدقاء لظهور عمل مفاجئ، ويكون كل هذا والعمل بسيط ليس بالامر الضخم
بمجرد ان يبدأ الإنسان عمل ما لا يجد وقت لحياته الإجتماعية مهما حاول، وان حاول خلق هذا الوقت يكون الامر على حسب العمل والمهنة لا يستطيع الإنسان الدمج بين الإثنين والموازنة
واعتمادًا على منظورك ف انا ارى ان العمل في الوقت الحالي اكثر بكثير من العمل في الماضي، ف في الماضي ستجدين مثلا المعلمين يعملون في النهار حتى الساعة الثانية ومن ثم باقي اليوم بدون التفكير في اي شيئ يخص العمل، ولكن الآن ف الدوام ينتهى مثلا في الساعة 4 وهذا لا يعني إنتهاء العمل بل يعني انتظار الكثير من الرسائل لحل مشكلة فورية لا تنتظر الى اليوم التالي "وهذا المثال عن عمل تقليدي تخيل ان كان عملًا اخر"
الأمر المهم هنا هو إدراكنا لهذه المشكلة، ف الحل لأي مشكلة يكمن في البداية في التعرف على المشكلة
اذا فهم الإنسان انه لايستطيع الموازنة، سيستطيع التفكير بمنطقية واخد قراراته سواء كانت التضحية ببعض من الحياة الإجتماعية لصالح مهنته او العكس
لكل شئ ضريبة، دائما سنظل نضحي بأشياء من أجل أشياء أخرى هكذا هي طبيعة الحياة. لكن أنا أؤمن بالمراحل، بمعنى أنه لا يجب أن نكون في حالة توازن دائم أو تفضيل لطريقة معينة، في مرحلة معينة أنا فضلت بناء عقليتي ومهاراتي من خلال التحصل على المعرفة وتجربة تجارب مختلفة، وفي مرحلة أخرى اهتممت ببناء علاقات وبناء شبكة معارف والمشاركة أكثر في الأعمال، وفي المرحلة الحاليةاركز أكثر على زيادة إنتاجيتي في العمل وتطوير عملي، وبالتأكيد في وقت من الأوقات سأركز على حياتي الاجتماعية أكثر، لكن ملحوظة مهمة وإن كنت اركز في الغالب على نفسي وعملي إلا أنني لا أهمل حياتي الاجتماعية تماما ففي بعض الأحيان أشارك في الأفراح والمناسبات وكذلك الخروجات والسفريات وغيره. فأعطي لنفسي مساحة اجتماعية جيدة تبقيني على بعد خطوتين وليس عشر خطوات.
وما فائدة العمل والنجاح والمال إذا انتهى الأمر بالشخص وحيدًا ولا يفعل أي شيء بماله سوى تكديسه؟! أنا لست من مؤيدي العمل من أجل العمل، نحن نعمل لنعيش فلا يجب أبدًا أن يتحول الأمر العكس ونعيش لنعمل فقط، نعم قد يكون هناك فترة في بداية أي عمل أو مشروع نكون فيها منشغلين لدرجة تؤثر بشكل كبير على حياتنا الشخصية والاجتماعية لكن لا يجب أن يستمر ذلك طويلًا، لأنه لو استمر طويلًا حينها سنكون نعمل لأجل العمل ونعيش لأجل العمل فقط.
للاسف هذه الحقيقة وراء اغلب رجال الاعمال الناجحين
ف بمجرد الوصول إلى نقطة النجاح لن يرضى الإنسان باي شيئ اقل من ذلك ويظل يسعى لزيادة ثروته وشهرته وينسى حياته ويجد نفسه في منتصف الستينات وعندها يبدأ التفكير في الحياة الإجتماعية
في رأيي هذا مندور خاطئ تمامًا، ولكن لا نجد شخص يعمل من اجل الحياة ويعيش العياة التي يريدها فعلًا، بل يعمل الجميع للوصول إلى مستويات أعلى "في سبيل عيش حياتهم كما يريدون" ولكن في خضم هذه القرارات ينسى الإنسان عيش حياته
اكتشفت مؤخرًا أنني كوني منعزلة اجتماعيًا أفقدني الكثير من الفرص، فالعلاقات الاجتماعية مهمة جدًا في الوصول إلى مستويات عالية وفرص أكثر بالإضافة لتحسينها للصحة النفسية والعقلية، كنت أفتقد ذلك الجزء وعندما خرجت من فقاعة العمل فقط وحاولت قدر الإمكان الموازنة وهذه الموازنة ليست ثابتة، لكن كان لهذا أثر إيجابي.
التعليقات