لا يوجد طريقة لطيفة لقول هذا: فقدان الوظيفة صعب. فجأة، تجد نفسك خارج الدائرة، ربما بدون خطة بديلة، وربما مع التزامات مالية تلاحقك. البعض يراه كإهانة، والبعض يدخل في دوامة القلق، والبعض الآخر يتحول إلى آلة إرسال سير ذاتية دون تفكير حقيقي في الخطوة القادمة.
لكن بين كل هذه المشاعر، هناك حقيقة واحدة: الحياة تستمر، والسؤال الحقيقي هو: ماذا ستفعل الآن؟
لنكن واقعيين، لن أخبرك أن هذه "فرصة ذهبية" بطريقة مثالية زائفة، لأن الحقيقة أن الكثيرين يعانون بعد فقدان وظائفهم. ولكن ما يمكنني قوله هو أن هذه اللحظة، مهما كانت مؤلمة، يمكن أن تصبح نقطة تحول، إذا تعاملت معها بذكاء ووعي.
الصدمة طبيعية، لكن لا تدعها تستهلكك
عندما تفقد وظيفتك، سواء كان ذلك متوقعًا أم لا، ستشعر بصدمة. قد يكون هناك خليط من الغضب، الإحباط، القلق، وربما شعور بالذنب أو حتى العار.
حالة واقعية:
محمود، 42 عامًا، قضى 15 سنة في شركة مقاولات، ليجد نفسه مطرودًا فجأة بعد أزمة مالية ضربت الشركة. شعر وكأن الأرض سحبت من تحت قدميه. كان راتبه هو المصدر الأساسي لدخل عائلته، ولم يكن لديه خطة بديلة. في الأشهر الأولى، دخل في اكتئاب حاد، ولم يكن لديه أي فكرة عن كيفية إعادة بناء حياته المهنية.
لا تتسرع في القفز إلى أول عرض عمل
بعد فقدان الوظيفة، الكثيرون يقبلون أي وظيفة تُعرض عليهم بدافع الخوف، حتى لو كانت أسوأ مما فقدوه. أحيانًا يكون هذا ضروريًا، ولكن في أحيان أخرى، يكون مجرد مسكن قصير الأمد يمنعك من التفكير في خيارات أفضل.
حالة واقعية:
هند، 35 عامًا، كانت تعمل في شركة تسويق كبرى. بعد تسريحها بسبب إعادة الهيكلة، حصلت على عرض عمل أقل من راتبها السابق بنسبة 40٪. قبلت على الفور بدافع الحاجة، لكنها سرعان ما وجدت نفسها عالقة في وظيفة بلا مستقبل، جعلتها تكره كل صباح. بعد عامين، كانت لا تزال في نفس الوضع، غير قادرة على الخروج منه بسبب نقص الفرص والتزاماتها المالية.
أعد تقييم نفسك بصدق
الآن وقد وجدت نفسك خارج الشركة، حان الوقت لسؤال الأسئلة الصعبة:
- هل كنت أصلًا في الوظيفة المناسبة؟
- هل لديك المهارات المطلوبة اليوم، أم أن السوق تغيّر وأنت لم تتغير؟
- هل هناك مجالات أخرى يمكنك الانتقال إليها، أم أن عليك التمسك بنفس المسار؟
حالة واقعية:
عماد، 50 عامًا، كان مديرًا في مصنع، لكنه لم يكن مواكبًا للتحولات الرقمية في الصناعة. بعد فقدان وظيفته، أدرك أنه يفتقر للمهارات التقنية التي أصبحت مطلوبة في معظم الشركات. لم يكن من السهل عليه تعلم مهارات جديدة في هذا العمر، لكنه بدأ في دراسة أنظمة الأتمتة، مما ساعده لاحقًا في الحصول على وظيفة جديدة.
الشبكات المهنية ليست كمالية، بل ضرورة
إذا كنت تعتقد أن إرسال سيرتك الذاتية إلى إعلانات التوظيف يكفي، فأنت ترتكب خطأ كبيرًا. الوظائف الجيدة لا تُعلن دائمًا، بل يتم تداولها داخل الدوائر المهنية المغلقة.
حالة واقعية:
ليلى، 39 عامًا، فقدت وظيفتها كمحاسبة في شركة صغيرة. بدلاً من الجلوس وانتظار الفرصة، بدأت في التواصل مع زملائها السابقين، حضور مؤتمرات، والانخراط في مجموعات مهنية. بعد 6 أشهر، حصلت على وظيفة جديدة من خلال ترشيح مباشر، دون أن تتقدم عبر أي إعلان رسمي.
لا تخف من الوظائف المؤقتة والعمل الحر
إذا كنت بحاجة ماسة للمال، فكر في العمل المستقل أو الوظائف المؤقتة. ليس هذا بالضرورة "نهاية المشوار"، بل يمكن أن يكون جسرًا لحين العثور على فرصة أفضل.
حالة واقعية:
سمير، 45 عامًا، كان يعمل مدير مبيعات، لكنه فقد وظيفته بسبب أزمة اقتصادية. لم يجد وظيفة جديدة بسرعة، فبدأ في تقديم استشارات مبيعات بشكل مستقل. في البداية، كان الأمر صعبًا، لكنه بعد عام كان يجني أموالًا أكثر مما كان يحصل عليه كموظف.
الواقع القاسي: بعض الناس لن يقفوا بجانبك
عندما تفقد وظيفتك، ستدرك أن بعض العلاقات كانت قائمة فقط على المنصب الذي كنت تشغله. ربما تكتشف أن بعض "الأصدقاء" في العمل يختفون، وأن بعض معارفك لم يعودوا يردون على رسائلك.
حالة واقعية:
نادر، 37 عامًا، كان يعمل في بنك، وكان يعتقد أن لديه شبكة علاقات قوية. بعد فقدان وظيفته، حاول التواصل مع زملائه السابقين، لكنه فوجئ بأن معظمهم لم يعدوا يهتمون به. كان هذا درسًا قاسيًا، لكنه جعله يعيد تقييم الأشخاص الذين يستحقون وقته وجهده.
لا تتجاهل صحتك النفسية والجسدية
التوتر والقلق يمكن أن يدفعك إلى العزلة، الأرق، وربما حتى مشاكل صحية. لا تدع فقدان الوظيفة يدمرك على المستوى الشخصي.
- مارس الرياضة، ولو مجرد مشي يومي.
- لا تهمل النوم الجيد، لأن الإجهاد المستمر سيجعلك أقل قدرة على التفكير بوضوح.
- لا تخجل من طلب الدعم من العائلة أو حتى من مختص نفسي إذا كنت بحاجة لذلك.
حالة واقعية:
ياسر، 41 عامًا، فقد وظيفته كمهندس معماري، ودخل في دوامة القلق. بدأ يعاني من الأرق، فاستخدم المهدئات، مما زاد حالته سوءًا. بعد شهور، قرر أخيرًا طلب المساعدة من مختص نفسي، وبدأ في ممارسة الرياضة بانتظام. تحسنت حالته، وعاد للبحث عن عمل بطاقة جديدة.
التحضير الجيد = فرص أفضل
عندما تحصل على فرصة لمقابلة عمل، لا تتعامل معها باستخفاف. احرص على أن تكون مستعدًا، فالسوق تنافسي، والشركات تبحث عن الأفضل.
- تدرب على إجاباتك، خصوصًا حول سبب تركك لعملك السابق.
- ابحث عن الشركة التي ستجري معها المقابلة، وفهم طبيعة عملها.
- لا تتحدث بسلبية عن وظيفتك السابقة، مهما كان لديك من أسباب للغضب.
هذه ليست النهاية، لكنها قد تكون بداية مختلفة
ليس كل شخص يجد وظيفة بسهولة بعد فقدانها. البعض يستغرق شهورًا أو حتى سنوات لإعادة بناء حياته المهنية. البعض يغير مجال عمله بالكامل، والبعض يضطر لبدء عمله الخاص رغمًا عنه.
لكن الشيء الوحيد المشترك؟ أن الجميع يستمر في التحرك للأمام، بطريقة أو بأخرى.
إذا كنت تمر بهذه التجربة الآن، تذكر: الحياة ليست عادلة دائمًا، لكنها لا تتوقف عند محطة واحدة.
التعليقات