بالرغم من انعدام اهتمامي بتتّبع سيرة علماء البيولوجيا المشهورين، إلّا أنّني دائمًا ما كنتُ، والحق يقال، قارئة نهمة لمؤلفّات داروين في مجال العلوم الطبيعية: داروين البيولوجي الشهير الذي لم يكن حائزًا أصلًا على شهادة في البيولوجيا ولكنّه حمل تطوّرات هامّة في مجال العلوم انطلاقًا من اختراعه لنظرية التطوّر. هذا الاختراع الشهير لم يكن إلّا حصيلة جهود ومهاراتِ فردية أبعد ما تكون عن الشهادة الجامعيّة التي لم يحملها داروين أصلًا إلا في مجال مختلف كليًّا عن العلوم ومتصل بالأديان.فمن قال أنّني أبدع من خلال الحصول على شهادة جامعيّة لا تثبث شيء؟ ومن قال أنّ هناك ما هو أهم من الخبرات التي لها القيمة الحقّة في صناعة الفرد؟

على نفس المبدأ تسير ريادة الأعمال بسماتها الديناميكية التي، وكما قلت في مساهمةً سابقة، أنّها أبعد ما تكون عن القواعد الرياضية الجامدة مثل 1 زائد واحد يساوي اثنين. فريادة الأعمال هي كناية عن تجارب يتعلّم منها الفرد فتتمازج مع سماته الشخصية حتى يصبح رائد أعمال (بعيدًا عن قواعد ثابتة يتم تعميمها) .يعني باختصار ريادة الأعمال تساوي تجارب زائد مهارات شخصية: لنسميّها المعادلة الذهبية. فما الدليل على صحّة ادعائي؟

بيل غيتس: من منّا لا يعرف مؤسس شركة مايكروسوفت الشهيرة، بيل غيتس، أحد أشهر روّاد الأعمال حول العالم وصاحب أكبر الثروات. ولكن غيتس لم يكمل دراسته الجامعيّة أبدًا بل يمكن أن نقول أن نجاحه انطلق من خلال عدّة عوامل ذاتيّة صقلت الشخصية الريادية فيه. فقد كان غيتس شغوفًا جدًّا بالمجال التكنولوجي والبرمجة وهو ما دفعه لشراء حاسوب عندما كان في الصف الثامن بالإضافة إلى العديد من المقتنيات التكنولوجية الأخرى التي عزّز بها معرفته التكنولوجية فصار عنده التجربة(هل تذكرون أنّني قلت أنّها المكوّن الأوّل لصنع رائد أعمال؟). ثمّ من خلال مهارته في هذا المجال (المكوّن الثاني) فقد اتّخذ غيتس إحدى أهم القرارات في حياته كشاب وهو تأسيس شركة Traf O Data مع شركاء آخرين. ومن هنا فقد بدأت رحلة نجاحه التي اعتركها الكثير من العوائق والتي واجهها بالمثابرة وعنصر العمل الجماعي.

والآن ما رأيكم، هل المعادلة الذهبية التي تحدثت عنها تكفي لصناعة رائد أعمال أمّ أنّ التخصص الجامعي هو حاجة ملحّة قبل الحديث عن التجربة والمهارات؟