كي لا تختلط المفاهيم سأشرح مصطلح التوطين من البداية، فتوطين الشركة واستراتيجية التوطين هما مفاهيم مختلفة في مجال إدارة الأعمال، فحينما نتحدث عن توطين الشركة أو (Corporate Localization) فإننا نشير إلى جعل الشركة نفسها مكانية محلية أو ملتزمة بمنطقة معينة، مثلا أنا شركة أو شخص طبيعي يمكنني القيام بتوطين شركتي للحصول على مقر مكاني يحمل عقدا تجاريا، يمكن أن يتضمن تأسيس مكاتب فرعية أو وحدات إنتاج في مناطق محددة ويهدف إلى تلبية متطلبات السوق المحلية بشكل أفضل وتعزيز القدرة على المنافسة في تلك الأسواق. أما استراتيجية التوطين أو (Localization Strategy) هي خطة تستخدمها الشركة لتكييف منتجاتها أو خدماتها لتناسب السوق المحلية تشمل تغييرات في التسعير، التسويق، التصميم، أو حتى في اللغة المستخدمة والهدف منها هو زيادة جاذبية المنتجات أو الخدمات في السوق المستهدفة. ما يمكنني قوله كفرق بين المصطلحين هو أن توطين الشركة يرتكز على جعل الشركة نفسها مكانية محلية، في حين أن استراتيجية التوطين ترتكز على تكييف المنتجات أو الخدمات لتناسب السوق المحلية دون الضرورة لتوطين الشركة بشكل كامل. لكن هل لهذه الاستراتيجية القدرة على زيادة التنافسية في الأسواق العالمية؟ هل ترونها فعالة وهل تؤيدون توطين شركتك كأولوية أم تستخدمون طرقا أخرى؟
كيف نستخدم التوطين كاستراتيجية لزيادة القدرة التنافسية في الأسواق العالمية؟
أجد أنّ استراتيجية التوطين مهمّة نظرًا لكونها قائمة على فكرة التغيير بحسب ظروف البلد محل الانتاج. وهذا التغيير بحد ذاته من أكثر الأمور أهميّة في الأعمال كونه سمة ملازمة للتكيف. فاستراتيجية التوطين تساهم في زيادة الثقة من قبل العميل أو الزبون. فعلى سبيل المثال ،عند دخولي لمتجر الكتروني عالمي فإنّ أوّل ما أراه اللغة التي يعتمدها المتجر. فإذا كان لا يضع اللغة العربية أو أقلّة الانكليزية كخيار ثانٍ فإنّ هذا الأمر يعني بالنسبة لي البحث عن خيارات أخرى أكثر مرونة وهو ما يعني متجر الكتروني آخر والعكس صحيح. وعندما تتفتح أبواب الثقة بين العميل والشركة فهذا الأمر يعني فرصة أكبر للتفاعل بينهما وهو ما يخلق تجربة أفضل لكلا الطرفين. وماذا تعني التجربة الأفضل؟ ارتفاع في المبيعات.
التوطين أداة قوية جدا في مساعدة أي شركة للدخول لأسواق جديدة، فمن خلالها ستحقق الجاذبية للعملاء المحليين وهذا نراه بشدة في المشاريع الأجنبية مثل مطاعم الأكل الصيني والهندي وخلافه، وبالطبع ليس كل الشركات ستتمكن من تحقيق التوطين بشكل قوي، فقد يكون أحد الوسائل القوية التي تكون سبب لقلة المنافسة، ما أقصده أن الشركات التي تتقن التوطين قد تتمكن من الدخول لأسواق لا يدخل لها منافسين كثر وبالتالي تحقق تميز وتستولي على نسبة كبيرة من السوق، بجانب أنها فرصة كبيرة للنمو، فلدينا عدة مشاريع كنت أراها بسيطة جدا، وتمكنت من الدخول لأسواق عربية بعدة فروع نتيجة تمكنها من زيادة ملائمة المشروع وتوطينه للبيئة الجديدة. وطبعا هذا يتحقق من خلال، فهم السوق المحلية، وتكييف المنتجات والخدمات مع السوق، بجانب طريقة الرسالة الإعلانية وتماشيها مع ثقافة ولغة السوق المحلية، وطبعا يمكن التعاون مع شركاء محليين من أجل الدعم والمعرفة المحلية.
من المثير للاهتمام رؤية كيف يؤثر التفاهم الجيد لاحتياجات وتفضيلات الزبائن على نجاح الشركات، يمكن للشركات الناجحة أن تتكيف مع السوق وتلبي توقعات العملاء بشكل فعال، مثلما فعلت مطاعم البيك التي ذكرتها، من خلال تعديل توابل وتقديم السلطة. وبالنسبة للمطاعم المحلية الأخرى، يمكن أن يكون تقديم وجبات رائعة وبأسعار منافسة هو ميزة تنافسية إن تم فهم احتياجات السوق المحلي وتم ضبط استراتيجيتهم وعروضهم وفقا لذلك لضمان استدامة نجاحهم وفهم التفاصيل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للعملاء فهو جزء مهم من بناء أي نجاح تجاري، وهذا يظهر كيف يمكن للشركات التكيف والتطور مع مرور الزمن لضمان استمراريتها في السوق.
فعلى سبيل المثال، عند دخولي لمتجر الكتروني عالمي فإنّ أوّل ما أراه اللغة التي يعتمدها المتجر. فإذا كان لا يضع اللغة العربية أو أقلّة الانكليزية كخيار ثانٍ فإنّ هذا الأمر يعني بالنسبة لي البحث عن خيارات أخرى أكثر مرونة
لكن ما السبب في اللغة؟ لا اراها عائقا علا الإطلاق خاصة أنه توجد إضافات في المتصفح تترجم ماهو موجود في الموقع والمتجر لأي لغة تريدين، التركيز على المحتوى أحسن.
أعتقد أن التوطين قد يكلف الشركة الكثير من المال والجهد والزمن، وقد يؤدي إلى فقدان التماسك أو التميز في المنتجات أو الخدمات. كما قد يؤدي إلى تضارب مع رؤية أو رسالة أو قيم الشركة. لذلك، لذا فإن اختيار استراتيجية التوطين يعتمد على عدة عوامل، مثل نوع المنتج أو الخدمة، وحجم وطبيعة السوق المستهدف، ومستوى التشابه أو التباين بين الأسواق المختلفة، وأهداف وإمكانات الشركة.
صحيح فاستراتيجية التوطين هي قرار مهم يجب أن تأخذه الشركات بعناية دون تسرع ويتعين على الشركة تقدير ما إذا كان التوطين سيكون مناسبا لأعمالها أم لا من خلال تحديد نوع المنتج أو الخدمة فبعض المنتجات تستفيد من التوطين لتلبية احتياجات سوق محددة، بينما يمكن أن يكون التوجه نحو السوق العالمي مناسبا لمنتجات أخرى خاصة من خلال دراسة حجم السوق لأن قرار التوطين يعتمد أيضا على حجم السوق المستهدفة، حيث يمكن أن يكون التوطين مفيدا بالنسبة لأسواق صغيرة أو محددة، بينما يمكن أن يكون التوجه نحو العالمية مفيدا لأسواق أكبر.
لكن هل لهذه الاستراتيجية القدرة على زيادة التنافسية في الأسواق العالمية؟ هل ترونها فعالة وهل تؤيدون توطين شركتك كأولوية أم تستخدمون طرقا أخرى؟
هذه الاستراتجية مهمة جدا وآثارها مهولة فعلا ، يمكن ان تنفذ شركة كما يمكنها ان تطيح بها تماما.
سأعطي مثال عملي جدا صادفته شخصيا ، مطاعم البيك مشهورة بالدجاج المقرمش، لاحظت في عدة فروع في ولايات مختلفة أن البيك الدجاج بتتبيلته الخاصة مع اصابع البطاطس المقرمشة، لكن في المدينة التي اسكن فيها تتبيلة الدجاج مختلفة بل وتقريبا منعدمة، فلا تشعر بذوق التوابل فيها تقريبا، اضافة الى تقديم طبق سلطة لابأ به على الجنب، مع حباب بطاطس مقرمشة ، استغربت من هذا التقديم وسألت عنه، فقيل لي أن أغلب السكان في منطقتي لا يحبون التوابل ويعتقدون ان السلطة نوع من الكثرة والفخامة ، لذلك يتعمد المطعم السلطة لتبدوا الوجبة اكبر، ويتعمد تقليل تتبيلة الدجاج لان معظم الناس لا يحبون التوابل.
هذه واحدة من الامثلة التي اجدها ملهمة، في حين ان مطاعم أخرى محلية تقدم وجبات أروع من البيك بل وارخص وانظف منه، مع ذلك لا تستمر لاكثر من عامين ثلاثة وتقفل، ربما لانها لم تراعي هذه التفاصيل في عقلية الزبائن.
بالطبع توطين الشركة أمر مهم، لكنه ليس بهذه الأهمية المهمة فبحسب قانون الضرائب فالدولة في الحالتين ستقاسمك الأرباح بشكل كبير، لذلك تستطيع أن تقول أن الشركة متوطنة في حملاتك التسويقية دون أن تقلق نظرًا لما تدفعه من ضرائب، حتى لو كانت على الورق جنسيتها أو وطنها غير المكان الذي تتاجر فيه.
لذلك لست أرى توطين الشركة أمر ضروري، أراه فقط أمر مهم
توطين الشركة حسب ما وضحته في المساهمة يحمل معنيين أولهما أن نجعل للشركة مقرا ورقما تجاريا وسجلا تجاريا وخضوعها للضرائب بطبيعة الحال وأما المعنى الثاني فني استراتيجية لزيادة القدرة التنافسية وهو شيء مختلف تماما، لم أفهم كيف تريدين أن تنشئي شركة دون دفع ضرائب للدولة التي تعملين على أرضها؟
هي لم تقل أنها يمكنها انشاء شركة بدون دفع ضرائب، هي تقول أنه سواء وطنت ام لا ففي الحالتين انت ستدفع ضرائب لذلك قم بتضمين ادعاء التوطين في حملاتك التسويقية نظرا لما تدفعه من ضرائب، اي انك ستدفع الضرائب في الحالتين، لذلك ادعي التوطين في حملاتك التسويقية اوفر من ان توطن بشكل جدي.
التعليقات