من أكثر الأفلام التي أثّرت بي يومًا، فيلم التايتنك Titanic الشهير الذي يتحدّث عن اصطدام السفينة المذكورة بالجبل الجليدي. فقد كان مشهد الاصطدام المروّع محاكيًا للإنسانية ومشاعر التعاطف لدى جميع من شاهده. وبعد مشاهدته في كل مرّة كنت أسأل نفسي سؤالًا لربّما لن أحصل هلى جواب شافي له وهو: هل كان اتخاذ قرار سريع من قبل قبطان السفينة لينقذ السفينة من قدرها المحتوم؟ سؤال لربّما هو إسقاط فعلي على عالم الأعمال حيث تمرّ الشركات (كناية عن السفينة) بضروب من الأزمات (شبيهة بالجبل الجليدي) التي تتطلّب سرعةً عالية في اتخاذ القرارات.

وهنا لا زلت أستذكر كلمة شهيرة لأحد أساتذتي في الجامعة حيث كان يردّد على مسامعنا " اتخاذ القرارات السريع والبعيد عن التسويف سر نجاحكم كطلبة الآن وكروّاد أعمال لاحِقًا". ودائمًا ما كان يعيد تكرار القصّة نفسها، ولتأكيد فكرته، حول شركة المعدّات الزراعيّة التي يديرها. فمنذ عدّة أعوام وتحديدًا العام 2014، كشفت الموازنة أنّ شركته مقبِلة على عجز مالي وذلك بسبب عدم تساوي الإيرادات مع النفقات. ولمّا لم يكن ممكنًا زيادة الإيرادات من خلال رفع سعر منتجات الشركة بسبب ركود هذا السوق أصلًا، اتخذ المدير نفسه قرارًا سريعًا يقضي بوقف التعامل مع السوق الأوروبّي لاستيراد المعدّات وعوضًا عن ذلك البحث في السوق الصيني عن مورّدين جدد وذلك نظرًا للأسعار التنافسيّة التي تقدّمها. وأمّا المفاجأة الحقيقية كانت أنّه اتخذ القرار خلال نصف ساعة فقط!

وعلى نفس المبدأ تسير شركة أمازون مع مؤسسها جوزيف بيزوس الذي يثمّن عمليّة اتخاذ القرارات بسرعةٍ قياسيّة وهو ما يجعل شركته تنتمي لشركة Day 1 كنايةً عن اتخاذ القرارات السريع على عكس شركات ال Day 2 والتي يحتاج اتخاذ القرارات فيها لوقت أطول نتيجة إخضاع القرارات فيها للدراسة المتأنية والتمحيص.

بالنسبة لي وبما أنّني من الأفراد المحافظين في عالم الأعمال (Risk averse)، فأنا أحتاج إلى التأنّي قبل اتخاذ أي قرار ودراسة عوامل هامّة مثل: المردود والمخاطر والبدائل المتاحة وتكلفة الفرصة البديلة وغيرها من العوامل وهو ما يتطلّب طبعًا العامل الزمني المرن. ولكّني في نفس الوقت أفكّر لو أنّ شركتي كانت التايتنك وتحتاج إلى التدخل الفوري فكيف كنت لأتخذ القرار السريع لإنقاذها؟ أمر فعلًا محيّر!

وماذا عنكم:

لو كانت شركتك هي التايتنك، كيف كنت لتنقذها من الاصطدام بالجبل الجليدي أي كيف كنت لتنقذ شركتك من أزمة مفاجئة؟ وما هو الأفضل في عالم الأعمال: اتخاذ القرارات بشكل سريع أم التروّي قبل اتخاذها؟