عند تخرجي من الجامعة مباشرة، عملنا على مشروع خاص تابع لمنظمة دولية يمتد لمدة ثمانِ شهور، المهم هنا في منتصف المشروع اتفقنا أنا وزملائي في ذلك الوقت برفع مسودة إلى صاحب المشروع نطلب منه أن يتم تمديد المشروع إلى 12 شهر أي سنة، و لكننا تفاجأنا برد غير متوقع وهو أنّه قد يتوقف المشروع في أي وقت ما لم تكن هنالك نتائج ملموسة، وكأنه يقول لنا بأننا إن لم نبذل جهد سيغادر المشروع من بين أيدينا ولأننا أشخاص نميل إلى تجنب الخسارة قررنا اتقان العمل بشكل أكبر من خلال بذل المزيد من الجهد.

اليوم وبعد سنوات من هذا التجربة؛ طرأ في ذهني تساؤل، ماذا لو أخبرنا صاحب المشروع في ذلك الوقت بأنه سيوّفر مكافأة في حال كانت النتائج جيدة بدلًا من تحذيرنا؛ هل سيكون الجهد مساوٍ، أكبر أم أقل من الجهد الذي بذلناه أنداك، ؟ هل سنسعى وراء حوافز وفوائد مشروطة أم سنتجنب الخسارة الفعلية؟ أو بالأحرى ما الذي يحفزنا كموظفين/طلاب/ مستقلين/عملاء أكثر: المكافآت أم العقوبات؟

في إحدى التجارب الخاصة بعلم النفس؛ تم إعطاء مجموعة من الأشخاص شمعة، علبة من دبابيس الورق، وعلبة من أعواد الثقاب ، وطُلب منهم تثبيت الشمعة المضاءة على الحائط بطريقة تمنعها من التنقيط على الطاولة التي تحتها، الأشخاص الذين قيل لهم بأنهم سيكافئون عند حلهم لهذه المعضلة استغرقوا وقتًا أطول، وهذا يعني أنّ المكافاة قد تقوض ابداعنا وتضيق مجال رؤيتنا. 

"دانيل بينك" يقول في "كتاب القيادة: الحقيقة المدهشة حول التحفيز"، أن منح الاستقلالية للموظفين في عملهم هو من يحفزهم ويرفع من أداء عملهم، بمعنى آخر آخر الاستقلالية في العمل هي العامل الأساسي والأول في أن يبذل الموظف ما بوسعه، وهذا يعني ان الاستقلالية أفضل من توفير مكافآت.

لو فكرنا في الامر، وتخيّلنا أنفسنا بأنّ حصلنا على مكافاة أو حافز مالي على إثر جهد بذلناه ومضى وقت على هذه المكافاة، هل سيكون الدافع ومستوى الاثارة نفس المستوى أثناء الحصول على المكافاة أو ما قبلها؟ أشك في ذلك، وهذا ما يذكرني ب"تكيّف المتعة" حيث ينخفض مستوى السعادة تدريجيًا مع مرور الوقت، هذا إن لم نقع في مسألة المقارنة الاجتماعية  أيضًا.

وأنت ما رأيك، هل ترى بأن نظام المكافاة يقتل ابداع الموظف؟ لو كنت مدير شركة، ماذا ستفعل لتحفيز موظفيك، هل ستلجأ إلى المكافآت أم العقوبات؟