بقيمه سوقيه بلغت حوالي 2.69 ترليون دولار وإيرادات نقديه بلغت اجمالي 365٫8 مليار دولار أمريكي في عام 2021، ومجموعة كبيرة من المقرات وعدد مهول من المتاجر حول العالم؛ تتربع شركة أبل على عرش كبرى شركات التكنولوجيا بشكل عام وأكبر شركات صناعة الهواتف الذكيه على وجه الخصوص، وتعٌد أبل شركة أمريكية متعددة الجنسيات متخصصه في مجال التقنية وتكنولوجيا المعلومات والمنتجات الذكيه وبرامج الانترنت، وقد تأسيست الشركة في عام 1976م من قبل كل من "ستيف وزنياك" و"رونالد وأين" والأب الروحي للشركة "ستيف جوبز" بناءً على رؤى وتطلعات المستقبل، وعرفت الشركة في بدايه نشأتها باسم Apple Computer, Inc وكانت حينها شركة متخصصه في تطوير وصناعة أجهزة الكمبيوتر.

ومع بدايتها الأولى حققت الشركة نجاحاً منقطع النظير حيث جمعت مبالغ مالية ضخمه عند طرحها للاكتتاب لأول مرة عام 1980م، ومع مرور الوقت نمت الشركة كثيراً وتوسعت وتحولت من مجرد شركة لتصنيع أجهزة الكمبيوتر الى بيئة تكنولوجيه متكاملة شملت الأجهزة الذكية وأجهزة الهواتف المحمول iphone وأنظمة التشغيل وتطبيقات وبرامج الانترنت والهواتف الذكية، وقد واجهت الشركة في أواخر التسعينيات عدد من المشاكل القانونية والدعاوي القضائية بتهم تتعلق باحتكار سوق البرمجيات وأنظمة التشغيل بجانب نظيرتها شركة "مايكروسوفت" إلا أن الشركة تمكنت من التغلب على هذه المشاكل والمضي قدماً، ودون الاسترسال أكثر في تاريخ الشركة نريد الاطلاع معاً عن السبب الذي يجعل منتجات شركة أبل من الهواتف المحمولة iphone, ipad, ipod touch تنال نصيب كبير واستحسان المستخدمين من مختلف أنحاء العالم.

ورغم أن العديد من الناس يرون أنظمة تشغيل أبل على أنها أنظمة معقده ومنغلقه على نفسها، ولا تعطي المستخدمين نفس الحرية التي تمنحها شركات الهواتف المحمولة الأخرى "سامسونج" على سبيل المثال؛ الا أن الشركة لاتزال على رأس قائمة شركات الهواتف المحمول بناءً على الايرادات والاحصائيات المذكوره أنفاً، وعليه نريد معاً تحليل طبيعة هذه الشركة وتسليط الضوء نحو الانطوائية والاستفزاز الذي تمارسه الشركة تجاه مستخدميها وايجاد تفسيرات منطقية لذلك:

نظام التشغيل المغلق وتقييد حرية المستخدم:

صحيح! أن نظام التشغيل ios الخاص بشركة أبل يعُد من أكثر أنظمة التشغيل استقراراً وقوةً وثباتاً من حيث الاداء، مع واجهة مستخدم تمتاز بالمرونة وسرعة الاستجابه، وأنظمة الأمان العالية التي يوفرها النظام للمستخدمين بجانب الأداء السلس والرائع للنظام بشكل عام؛ الا أنه وبمجرد القول بأنه نظام غير مفتوح المصدر من شأنه وضع العديد من الاستفهامات حوله، فكما نرى اليوم أن نظّم التكنولوجيا تطورت بشكل كبير عن السابق وصار للمستخدمين ليس فقط حرية ابداع الرأي تجاه المنتجات والأنظمه الرقميه وإنما أحقيه التطوير والتعديل عليها بما يتماشى ما احتياجاتهم وظروفهم الخاصة ويساعد الشركات في تقديم منتجات رقمية أكثر ملائمة وجودة، إلا أنه مع شركة أبل فالأمر لا يتم على هذا النحو، حيث أن الشركة هي المسؤول الوحيد عن تصميم، اختبار، تجربه، تطوير، تنسيق، تحديث نظام التشغيل الخاص بها بخلاف الشركات الأخرى والتي تعتمد مثلاً على نظام التشغيل Android والذي يتيح للمستخدمين صلاحية التعديل على النظام بشكل كبير.

اذاً كيف لاتزال أبل تحّكم سيطرتها على السوق رغم نقطة الضعف الكبيرة هذه؟ في الواقع الاجابة على هذا السؤال موجود في الفقرة السابقه وهي ببساطة "مميزات النظام"، وأما بالنسبة لأبل فإن قضية أن نظام التشغيل الخاص بها نظام غير مفتوح المصدر"مغلق" يعتبر موضّع قوة بالنسبة لها وليس ضعف كما يعتقد الكثيرين (فحسب نظرتها ترى أبل مستخدمها كالطفل المدلل الذي يحتاج الى الرعاية والدلال داخل البيئة الأمنة التي هيئتها له الشركة وتبقي هذه البيئة مغلقه مخافة دخول أي طفيليات اليها وافسادها، عكس أنظمة التشغيل الأخرى التي تعتبرها بيئه ملوثة وغير صالحة) وبشكل ما فإن وجهة نظرها هذه مقبولة لدى مستخدميها.

الأسعار الخيالية مقابل الأداء العادي:

لم تتوقف مخاوف أبل فقط عند حد مشكلة النظام والمشاكل التقنية، حيث نشاهد باستمرار شكاوى وتزمر المستخدمين واستياءهم بشأن الأسعار الباهظة والخيالية (كما يصفها البعض) التي تفرضها أبل على هواتفها الذكية، وعند تحليل هذه النقطة نجد أنه ورغم الأداء والميزات التي يحصل عليها مستخدمي أبل؛ فإنها تظل عادية بالمقارنة مع ما يحصل عليه مستخدمي النظام المنافس أندرويد والأنظمه الأخرى في حال وضع فرق الأسعار عين الأعتبار، وفي حال حاولنا تحليل هذه النقطة فهذا لا يقودنا إلا للنقطة التالية:

العلامة التجارية والولاء الأعمى لها:

"أنت تمتلك جهاز أبل! إذاً أنت مختلف، إذاً أنت تسير خارج القطيع" قد نتفق مع هذه المقولة لبرهة؛ ولكن ما الذي يثبت لي حقاً أنني أمتلك شيئ يجعلني مختلف ومتميز عن غيري من المستخدمين غير شعار وعلامة أبل التجارية؛ لا شيئ أخر!، ومن هنا يمكن التخمين بأن الأسعار الباهظة التي تفرضها الشركة ليست إلا أرقام غير منصفه يدفعها المستخدمين لنيل حق الانتماء للعلامة التجارية الأبرز والوقوف تحت مظلتها، وهذا شيئ كافي بالنسبة لمستخدمي هواتف الأيفون، بصرف النظر عن امكانية حصولهم على ميزات وامكانيات مشابهة مقابل أسعار أقل من الشركات الأخرى؛ لكن ما دام أن تلك الأجهزة لا تحمل شعار وعلامة أبل فهي غير مناسبة.

ترويض المستخدم واخضاعه للتصاميم المٌمله:

نشاهد باستمرار المنافسه القوية بين شركات الهواتف الذكية والتي تعّدا مداها حد الامكانيات والمواصفات ووصل الى حد المنافسه على التصاميم والأشكال، فنتابع بشكل دوري أخر التصميمات وأحدث الصيحات وابداع الشركات في التصنيع، أما في شركة أبل فالأمر مختلف حيث أنك يمكن أن تحصل على نفس تصميم الجهاز مراراً وتكراراً لسنة أو سنتين أو ثلاث مع تعديل طفيف في السنة الرابعة! فأنت تتعامل مع شركة تسير عكس التيار، ومنذ اطلاق الشركة لأول جاهز أيفون لها في العام 2007 فقد قامت الشركة بتغيير شكل الجهاز ومظهره الخارجي بشكل جذري حوالي 3 الى 4 مرات فقط على مدار الـ 15 عاماً الماضية، وهنا يرد التساؤل كيف تمكنت شركة أبل من ترويض مستخدميها واخضاعهم لتقبل نفس التصاميم المملة رغم اهتدام الصراع والمنافسه بين الشركات الأخرى من حولها في مسألة التصميم؟ (أترك لكم هذا التساؤل للنقاش)