أمسى جيمي فالون مقدّمًا للبرنامج الكوميدي The Tonight Show في 2009 بعد أن رحل عنه كونان أوبراين، لم يكن جيمي قد قدَّم برنامجًا مشابهًا من قبل، وعندما كان يُحضِّر للحصول على الوظيفة، لجئ إلى أكثر من يعرف الوظيفة، إلى كونان أوبراين.

أوبراين: لا أستطيع اعطاءك أيّ نصيحة، يجب أن تفعل الأمر بنفسك.

امتعض جيمي من هذا الردّ، لكنَّه يستذكره الآن بمنطقية، ويرى أنَّ فيما قاله أوبراين صواب، أوبراين وجد الشخصية المُناسبة التي تُقدِّم البرنامج، وعلى جيمي أن يجد شخصيته أيضًا، لا أن يُصبح مُقلِّدًا.

كانت لجيمي فكرة عن الطريقة التي سيسيِّر بها البرنامج، لكن لكي يجد شخصيته، كان على جيمي أن يُجيب عن اسئلة مهمّة لماذا سيهتمّ الناس بي أصلًا؟ لماذا جيمي فالون؟ لماذا أفعل هذا؟

جيمي كان ممثلًا في السابق في مسلسل كوميدي Saturday Night Live لكنّه من بعد ذلك المسلسل، لم يُحسن اجابة هذه الأسئلة، فقد اتّجه إلى مجال الأفلام في الفترة ما بين 2004-2009 وشارك بالتمثيل في فيلمين، ولم يكن ناجحًا فيهما، ويستذكر المشاركة الآن بأنّه لم يكن مهتمًا بسبب المشاركة أصلًا، ورآه الاتجاه الطبيعي لممثل مسلسلات كوميدي إلى السينما والأفلام.

ما الذي يُحفّزه؟ ما الذي يُعطيه المعنى؟ كيف يقيس النجاح وما الذي سيقوده إلى جادّة الصواب حين لا تسير الأمور على ما يُرام؟ كلّ هذه هي "الأسباب" التي كان يبحث عنها جيمي، وعندما يصل لاجابات شافية، ستتحوَّل حياته المهنية إلى طريق آخر، ولن يوقفه شيء وقتها، لأنَّ من يعرف ما يُريد من نفسه وما يُرضيها، لن يضلَّ الطريق أبدًا.

جيمي لم تكن عنده هذه الأسباب، ولم يستطع أوبراين أن يُعطيها له، لا أحد غير جيمي نفسه يُمكن أن يفعل أصلًا، قرّر جيمي أن يتعلّم هذه المعاني أثناء العمل وتقديم البرنامج، فهو كما يقول: كلما أكثرتَ ممّا تفعل، شذَّب الأمرُ هويتك وأهدافك.

ما فكَّر به جيمي يهمُّ كلّ رائد اعمال، لقد قرّر أن يتوقّف عن فعل الأشياء التي يُريدها من دون سبب واضح، كما كانت تجربته في التمثيل في الأفلام، وقرّر بدلًا عن ذلك أن يُركّز عن سبب اهتمام الناس بما يفعل.

واحد من أهمّ أهداف جيمي كانت أنّه يُريد أن يجعل الناس سعداء، وكان يسأل نفسه: هل سيجعل هذا الناس سعداء؟ وهذا شيء مفيد لتقوم عليه مسيرته المهنية، ليس الأمر خطّة وحسب، بل رحلة وهدف ومعنى، أساس يُمكن أن يُبنى عليه الكثير. وفي الأمر مكافأة أيضًا، جيمي كان يُريد ذلك، فهو يجعل الناس سعداء، ويجعل نفسه كذلك في نفس الوقت.

وقت بث برنامج جيمي كان الساعة 12:35 بعد منتصف الليل، وقد كان يفكّر أنّ الناس تُصارع النوم في هذا الوقت، ومهمّته أن يجعل مشاهديه يعودون لفراشهم ببسمة مرسومة، وموقف مُضحك يتذكّرونه من برنامجه.

رائد الأعمال يستفيدُ من التحدّيات، هي ما تجعله يشذِّب أفكاره ورغباته، العمل المتطلّب في The Tonight Show جعله يجرّب الكثير من الأفكار، يكتب النُكتة مع الفريق، ثمَّ يُجرّبها، فإن نجحت سيكون لهم دائمًا الغد لتجربة شيء جديد، لم يعد يشعر أنّ الناس ستترك البرنامج بعد نكتة سيئة واحدة، سيقول الناس على حدّ تعبير جيمي: على الأقل حاول أن يُخرج شيئًا مضحكًا من هذا الموقف.

جيمي تعلّم من هذه العقلية ووظفّها في مشاريع أخرى، قام بكتابة كتاب اسمه Your Baby's First Word Will Be DADA وهو كتاب مُضحك للأطفال، أو لعلّه للأباء، يعد بأن يجعل أوّل كلمات الطفل "بابا" بدلًا من "ماما" وقد أحبّ الناس كتاب جيمي، ونقده آخرون، لكنّه ناتج من انسجام جيمي مع طريقة تفكيره، هل سيجعل هذا الكتاب الناس سعداء؟ وآمن هو وفريقه أنّه سيكون كذلك.

وهذا من الدروس التي يُقدّمها جيمي لروّاد الأعمال، من خلال العمل الذي تعلّمه في البرنامج، افهم السبب الذي يُحرّكك لما تفعل، ثمَّ افهم أنّك أو شركتك لستم مجموع الأشياء التي تقدّمونها، إنما فيكم شيء أعمق، وهذا ما يجعل الناس يرتادونكم، روّاد الأعمال لا يبنون الشركات فقط، إنما يهتمّون لما يشغل الناس ويحلّون مشاكلهم.

كيف ترون طريقة جيمي فالون في برنامجه وكتابه؟ هل ترونها صالحة للتطبيق في كلّ عمل، أم أنّ برنامج جيمي الكوميدي جعله يتحلّى بهذه الرفاهية؟ فنكتة سيئة ليست كمشروع سيء؟