يعتبر تحديد الراتب أحد أكثر المواضيع تعقيدا بالنسبة لإدارات الشركات، لأنه يمكن أن يكون مصدرا لإحباط الموظفين أو سببا لاسعادهم. وصحيح، الراتب ليس هو الشيء الوحيد الذي يحدث فرقا في حياة الموظفين العملية، لكنه مهم جدا.
هناك حقيقة قديمة لا يمكن إنكارها بخصوص موضوع الراتب، وهي أنّ هناك صراعا كبيرا بين الشركات والموظفين حول تحديد الرواتب، ففي وقت ترى الشركات أنّ تكلفة الرواتب التي تصل في أحيان كثيرة إلى 70 % من مصاريفها مضرة بأرباحها، يعتقد الموظفون أنّ الشركات غير عادلة معهم في مسألة تحديد الرواتب.
وبسبب هذا الصراع يتم البحث منذ مدة عن صيغة مرضية للطرفين لوضع الرواتب. ولتكون الصورة واضحة فإنّ إيجاد حل لهذا الصراع بين الشركات وموظفيها ليس خيارا بقدر ما هو مطلب، حتى لا يتأثر أداء الموظفين بالجو السالب في الشركة.
تقليديا، يتم التفاوض على الراتب والمكافآت والزيادات اللاحقة بين الموظف وممثل الشركة أو يتم تحديد المرتب وفقا لصيغة محددة سلفا لا تترك مجالا كبيرا للتفاوض.
يتم النظر للطريقة التقليدية في تحديد الرواتب على أنها عملية ذات طابع عدائي. لأنها موضوعة على أساس افتراض الشركات بأن الموظف يتصرف بطريقة أنانية في محاولة لتحقيق أقصى قدر من المكاسب الشخصية على حساب الشركة.
وتشجع الطريقة السابقة الموظفين على الضغط على إداراتهم للحصول على أعلى راتب ممكن، وهي المحاولة التي دائما ما تلقى رفضا مطلقا من المديرين لاعتقادهم بأنّ الموظفين يبالغون في تضخيم توقعاتهم للرواتب. وفي وضع مثل هذا لن يتشجع أي من الطرفين على أن يكون منفتحا أو صادقا خلال عملية التفاوض.
ووعيا من الشركات بأنّ النظام التقليدي للرواتب يجب أن يتغير، عمدت عدة شركات مثل Independents United Smarkets, Semco, Buffer, Squaremouth إلى تبني مقاربة جديدة لوضع الرواتب، قائمة على مبدأ "التقييم الذاتي"، بمعنى منح الموظفين حق تحديد رواتبهم بأنفسهم، وحجة مقترحي هذا المبدأ هو أنّ الموظف في وضع أفضل من أي أحد آخر لاتخاذ قرار راتبه الخاص.
مما سبق قد يبدو لكم نظاما متساهلا، لكن الأمر ليس كذلك لأنّ نظام التقييم الذاتي أيضا يملك معايير خاصة، ولن يحصل الموظف على الرقم الذي يتوقعه بمجرد طرحه على الادارة. وعلى كل شخص يريد تحديد راتبه الخاص أن يخوض أولا حديثا مع زملائه الموظفين وأنّ يشرح لهم ما حققه، ولماذا يعتقد أنه يستحق هذا الراتب، وإذا حدث ووافق الزملاء على ما يعتقده الموظف يمكنه التوجه إلى إدارة الموارد البشرية وتقديم طلب رفع الراتب.
وقد تقوم بعض الشركات بعد تلقيها لهذه التقارير بتكليف مجموعة من الموظفين الأقدم والأكثر خبرة لإعداد تقارير حول أداء الموظف وإبداء رأيهم في ما إذا كان يستحق الزيادة المطلوبة.
مع العلم أن تحديد الموظف لراتبه لا يكون عشوائيا بل مبنيا على أساس مجموعة من المعايير، مثل معدلات الرواتب التي تدفعها الشركات الأخرى للوظيفة نفسها، وإمكانات الشركة المالية، وما يملكوه الموظف من خبرات وكفاءات ومهارات.
في النهاية أعتقد أنّ تطبيق مثل هذه الأنظمة لتحديد الرواتب يتطلب من الشركات أن تكون شفافة بخصوص وضعها المالي، حدود إمكانياتها، و أرقام رواتب الموظفين الحالية.
ما رأيكم في نظام التقييم الذاتي لوضع رواتب الموظفين؟
هل هناك أنظمة أخرى تراها أنسب وأكثر عدلا للموظفين والشركات على حد سواء؟
التعليقات