في مساهمتي السابقة (اخلق المشكلة ... اكسر النمطية) طرحتُ تساؤلاً عن جدوى التفكير العكسي، واستكمالاً له اخترتُ اليوم حالة دراسية تستحق التمعن.
في إحصائية أجريت في مدينة شيكاغو الأمريكية تبين بأنّ (40% نسبة البطالة، 57% من سكان المنطقة ذوي سوابق، 25.000 دولار معدل الدخل السنوي، مع ارتفاع معدلات تجارة الممنوعات، والاتجار بالبشر، وعصابات الشوارع).
قامت بريندا بالمز باربر المديرة التنفيذية لإحدى شركات التوظيف بمحاولة توظيف مجموعة من السجناء الذين تمّ إخلاء سبيلهم، لكن الأمر كان دون جدوى، وفي محاولات جدّية منها لفتح مشاريع حرّة لمثل هذه الحالات جوبهت جميع محاولاتها وباءت بالفشل.
لم تيأس بريندا، لأنها تدرك أن عدم حصول هذه الفئة المجتمعية على وظائف سيعيدهم للشارع من جديد، لذلك قامت بالاطلاع على العديد من الدراسات ليستقرّ رأيها على فتح مشروع تربية النحل، وذلك لعدة أسباب، منها:
- إمكانية تعلّم المهنة من خلال التلقين دون الحاجة للدراسة.
- الخيار الأنسب للفئة المستهدفة (السجناء) والذين واجهوا صعوبات التعلم نتيجة عدم التزامهم بالمقاعد الدراسية.
- حاجة السوق للمنتجات التي يمكن إنتاجها من العسل.
ومن هنا قامت باربر بتأسيس شركة "بدايات حلوة"، وأنتجت ماركة Bee Loveلبيع العسل، ومنتجات الرّعاية المخلوطة بالعسل لبيعها في الأماكن التي يرتفع الطلب عليها، ثم عملت على توظيف السجناء الذين تمّ إخلاء سبيلهم، سواء لتربية النحل أو إنتاج العسل، أو العمل على خطوط إنتاج منتجات الرعاية، أو للعمل في الميدان كناقلين للبضائع ومروجين للمنتج.
وهنا يأتي السؤال؟ كيف استطاعت باربر النجاح والصمود حتى أصبحت شركتها رائدة في هذا المجال، وصارت تجربتها حالة قابلة للدراسة؟
من البداية اعترفت باربر بوجود تحدٍ أمامها، درست حاجة السوق، والتقطت وجود فجوة بين المنتج المعروض بالأسواق وحاجات العميل، لجأت للاستقصاء كخيار يمكنها من اتخاذ قرارها الحاسم.
كما لجأت لذوي الاختصاص، حيث تعاقدت مع سوق نيتش المتخصص في هذا المجال، ببساطة قامت بكل الخطوات اللازمة للنجاح، فعندما قوبلت محاولاتها لتشغيل السجناء بالرفض، ابتكرت حلاً لم يكن موجوداً لتشغيلهم، مهارة حلّ المشكلات، والتفكير بحلول غير متداولة هو ما جعل من شركة "بدايات حلوة" حالة تستحق البقاء والدراسة
سؤال يراودني، لو عشنا في نفس الظروف التي كانت بها مدينة شيكاغو، كسجناء يرفض المجتمع التعامل معهم ماذا كانت ستكون الخيارات أمامنا لو لم يكن هنالك بريندا بالمز باربر وشركة بدايات حلوة؟؟ كيف يمكن أن نصنع الفرصة ونخلق فكرة ريادية نقتات منها بشرف دون أن نرجع لعصابات الشوارع؟
التعليقات