تؤكد بعض التقارير الاقتصادية التي تناولت موضوع الباعة الجائلين أن هذا النوع من التجار يرجع وجوده إلى عدة قرون مضت، ولكنها ارتبطت باحتياجات الناس فتناقلتها الأجيال حتى وقتنا الحاضر.

والأن صار الباعة الجائلون جزء لا يتجزأ من الاقتصادات الحضرية في جميع أنحاء العالم، فمن خلالهم يتم توفير مجموعة واسعة من السلع والخدمات في الأماكن العامة بطريقة سهلة وميسرة. يبيعون كل شيء من الخضروات والفواكه الطازجة إلى الأطعمة الجاهزة والدواجن والاسماك والملابس والسجاد ويقدمون الخدمات أيضا التي تختلف بمرور الزمن، فأذكر فيما مضى كان أحدهم ينادي لتصليح بواجير الجاز وسن السكاكين، وللآن مازال بعضهم ينادي ليشتري الأغراض القديمة واسمه بائع الروبابيكيا،

لقد كشفت إحدى دراسات مراقبة الاقتصاد غير الرسمي في الهند (IEMS) عن عدة طرق يخدم بها الباعة الجائلون مجتمعاتهم ومنها:

أنهم يوفرون المصدر الرئيسي للدخل لأسرهم.

أنهم يبيعون منتجات المصانع وبالتالي فهم يساعدون في توزيع إنتاجها إلى شرائح متنوعة من المستهلكين.

أنهم يخدمون المستهلك أيضا بتوصيل البضاعة إليه حيث يكون وقد يخفضون في السعر لأنهم لا يدفعون إيجار محل ولا تأمين بضائع ولا ... فيكون بإمكانهم بيع الاشياء بأسعار رخيصة.

يساهمون في إيجاد فرص عمل لأخرين مثل الحمالين وسائقي عربات النقل التي يتجولون بها وأصحاب المخازن وغيرهم.

تضيف تجارة الشوارع حيوية في العديد من الأماكن وبعضهم يقدم المنتجات التراثية والأكلات الشعبية فيما يندرج تحت بند خدمات ثقافية وسياحية.

وعلى الرغم من مساهماتهم تلك، يواجه الباعة الجائلون العديد من التحديات، وغالبًا ما يتم تجاهلهم، وعلى العكس يتم إعاقتهم بدلاً من مساعدتهم من خلال السياسات وممارسات البلديات.

ومن هنا أتسائل: لولا أن المجتمع في حاجة ماسة لمهنة البائع الجوال لما صمدت هذه المهنة لاختبار الزمن ولما انتقلت من جيل لأخر، ولما تم تحديثها باستمرار في أسلوب النداء وطريقة البيع ونوعية السلع والخدمات المقدمة. ومع ذلك فأغلبنا يفضل الذهاب للتسوق من السوبر ماركت والمولات، برغم أن هؤلاء الباعة أحق بدعمنا وتشجيعنا لأنهم في النهاية يؤدون خدمة للمجتمع ولأنفسهم ويتبعون طريقة شريفة.

وهنا ننتقل إلى نقطة أخرى وهي ضعف الرقابة على هؤلاء الباعة في عدد من الدول الأمر الذي قد يسهل إندساس المجرمين والنصابين بينهم بسهولة ، فكيف نفرق بين هذا وذاك وكيف نحمي أنفسنا لو تم النصب علينا في إحدى المرات؟ فهل يمكن حل هذه المشكلة بإدراجهم ضمن الاقتصاد الرسمي بأي شكل بحيث نفرض عليهم ضرائب ورسوم تسجيل ... الخ، وبذلك نوفر الثقة في شخصياتهم ونقلل عمليات النصب، وفي نفس الوقت نحقق دخل للحكومات من خلال مدفوعات التراخيص والتصاريح والرسوم والغرامات وغيرها من الضرائب. أم أننا بذلك سندفع الباعة للهروب لأن دخلهم بالكاد يكفي ولا يحتمل رفاهية رسوم التسجيل؟