تفوقنا الأكاديمي مقياس حقيقي للنجاح المهني أم مجرد أرقام بالشهادة؟

أعتقد أن التفوق الأكاديمي مهم كإشارة لمدى الجدية والالتزام في مجال معين، لكن لا يعني بالضرورة أنه هو المقياس الوحيد للنجاح المهني. في النهاية، التطبيق العملي والتفكير الإبداعي والمثابرة في الميدان هي التي تحدد نجاح الشخص في مجاله. كثير من الأشخاص الذين لم يحصلوا على أعلى الدرجات استطاعوا أن يحققوا إنجازات كبيرة بفضل قدرتهم على التعلم المستمر والعمل الجاد.

أنا لا أحقر من التفوق الأكاديمي ولكن لو لم يصحب التفوق الأكاديمي تفوق عملي فلا قيمة له عندي، أما أن اتفوق نظرياً وعملياً بنفس المجال أو اتفوق نظرياً بمجال مثلاً يخص الجامعة بينما في الواقع أعمل بخبرة عملية بمجال مختلف تماماً.

حتى نموذج بيل لا أراه محفز ولا أراه يدل على شيئ فهذه حالة نجحت ومشهورة لأنها نجحت باختلافها بينما لا نعرف كم شخص في قاع القاع الآن لأنه لم يتعلم ولم ينجز حتى بمسار تقليدي، لذلك أرى النجاح كامل اكاديمي وعملي ولو سنحذف سأختار العملي أفضل من الأكاديمي

في رأيكم تفوقنا الأكاديمي مقياس حقيقي للنجاح المهني أم مجرد أرقام بالشهادة؟

أعتقد نعم. ففي الغالب الأعم أن من يتفوق أكاديمياً في بلد تحترم نفسها و أولادها فإنه يكون متميز مهنياً ولكن هذا لا يعني بالضبط أنه سيكون أكثر مالاً من صديقه الفاشل أكاديمياً. يعني لا نربط التفوق الأكاديمي بالمال لأن المال قد يأتي به أناس من مجالاتهم الغير متفوقين بها بطرق غير مشروعة أو مثلاً يعملون أعمال أخرى خارج مسارهم التعليمي هم ماهرون فيها. وأعتقد أننا ننسشتهد بجوبز ولكن ستيف ووزنياك صديقه أعتقد أنه أكمل تعليمه وهو العقل الكامن وراء تأسيس ونجاح أبل في بدايتها.

أعتقد أن الأمر يتوقف على مدى جودة التعليم ويختلف من دولة لأخرى ومن جامعة لأخرى أيضًا، بالنسبة لي أعرف الكثيرين ممن نجحوا بتفوق أكاديمي في الجامعة، لكنهم لم يحققوا نفس النجاح في حياتهم المهنية، بينما هناك آخرون لم يكونوا من الأوائل في دراستهم، لكنهم برعوا في مجال عملهم بفضل مهاراتهم العملية وقدرتهم على التكيف، لذا التفوق الأكاديمي قد يكون مقياسًا مهمًا للنجاح في بعض المجالات، لكنه ليس بالضرورة مقياسًا حقيقيًا للنجاح المهني.

التفوق الأكاديمي يقيس مدى قدرة التزام المرء بتقديم مجهود في إطار منهجي مسطر.

إذا هو شهادة قوية على قدرة المرء للالتزام بالمجهود الذي يتطلبه العمل، اما تأثير هذا المجهود على جودة العمل، فلا تكفي هذه الشهادة لتأكيده، بل يتطلب مهارات أخرى كالتفكير النقدي، الإبداع، القدرة على التكيف، وبناء العلاقات وغيرها

كثيرا ما نسمع نماذج لم تهتم بالتعليم الأكاديمي ك بيل جيتس الذي ترك جامعة هارفارد ليؤسس مايكروسوفت وأصبح أحد أغنى الأشخاص في العالم.

الدرجة العلمية لم تكن عامل هام هنا لأن هناك عوامل أخرى لم يتم أخذها بالحسبان، ف بيل جيتس ولد في أسرة ميسورة الحال وفرت له تعليم في أرقى المدارس واكتشف نبوغه وحبه لمجال البرمجة في عمر صغير فساعدته مدرسته وأهله على التعلم والتطوير على مدار سنوات إلى أن وصل لسن الجامعة وهو مشبع بخبرات ومعارف ومهارات جعلته في مستوى أعلى ممن هو في سنه وجاءت له بفكرة شركته فلم يعد يشعر أن إكماله للتعليم له قيمة أو عائد عليه لأن تعلم ما يكفي بالفعل والنتيجة نجاح شركته، لكن هل الظروف التي خدمت بيل غيتس متاحة للجميع؟ بالطبع لا، بيل غيتس حالة فردية عاش في بيئة وظروف مهيأة للنجاح وقد اجتهد واستغل هذه الظروف فنجح، ولكن الجميع لا يتوفر له ذلك وعلى هذا الأساس فالتعليم الأكاديمي هام لكي يحصلوا على ما يكفي من معلومات ومعرفه ومهارات تمكنهم من تحقيق النجاح في الحياة، فضلا عن أن الدرجة العلمية معيار أساسي للتقييم في المجتمع وبدونها لن يحصل الإنسان على وظيفة جيدة في مجاله. لو افترضنا عدم نجاح شركة بيل غيتس لأي سبب فكان سيكون أول النادمين على ترك الجامعة.

لكن يبقى التوازن هو المفتاح فلا أرى أيّ تناقض حقيقي بين التفوق الأكاديمي والنجاح المهني بل هو عبارة عن تكامل فالمعرفة الأكاديمية قد تكون قاعدة لكنها تحتاج إلى مهارات تكميلية كالتفكير الاستراتيجي، القيادة أو التعلم الذاتي والأهم من كل هذا هو تحديد الأهداف الشخصية فمثلا إذا كان المجال يتطلب شهادة كالهندسة هنا يمكن الاجتهاد فيها والنجاح هنا سيكون مرتبطا بتكامل المعرفة الأكاديمية بغض النظر عن التفوق أم لا وبين الخبرة العملية التي يمكن اكتسابها بشكل متزامن أو غير متزامن مع اكتسابنا للمعرفة والشهادة هي تحصيل حاصل، وليس كل من يمتلك شهادة فهو متفوق والعكس صحيح، ويجب أن نتذكّر أن النجاح الحقيقي يقاس بالإنجاز والتأثير، سواء كان مصدره جامعة مرموقة أو ورشة عمل في مرآب منزل فالنجاح نسبي ولا يصحّ أن نعمّمه.

التفوق الأكاديمي قد يمنحنا قاعدة قوية، لكنه ليس كافيًا لوحده. الحياة المهنية تتطلب مهارات أخرى مثل الإبداع، المرونة، والقدرة على التعلم الذاتي، وهي أمور قد لا تعكسها الدرجات بشكل مباشر. الدليل على ذلك أن كثيرًا من أصحاب الأعمال الكبرى اليوم لا يسألون عن معدلك الجامعي، بل عن ما يمكنك تقديمه فعليًا.

الخلاصة؟ النجاح الأكاديمي مهم لكنه ليس ضمانًا للنجاح المهني. إنه مجرد جزء من المعادلة، ومن يعتقد أن الشهادة وحدها تكفي فقد يكون أمام صدمة حقيقية عندما يواجه الواقع العملي.