يقال أن "كل شيء عند الأطفال له وزن و قيمة، كل شيء عندهم، هو طفل يشبههم". و ينظرون إلى اختلافهم على أنه تشابه، لكن كيف يتعاملون مع الزي الموحد في المدرسة؟
أو بالأصح، هل من الضروري فرض زي موحد لأطفال المدارس؟
هل من الضروري فرض زي موحد لأطفال المدارس؟
بالتأكيد، توحيد الزي يخلق شعورا بالتساوي والانتماء بين الطلاب، ويقلل من التمييز بينهم ايضا، يسهل على الأهالي والطلاب اختيار الملابس كل صباح، ويوفر المال والوقت. و مع كل هذا يكبر الطفل على الانضباط مع اعطاء قيمة للمدرسة بحيث دائما يشعر انه ذاهب الى مكان مميز و ليس مثل اي مكان اخر.
لم أستطع أن أفكر من خلال سؤالك إلا بالأطفال الذين ينتمون للطبقات الاجتماعية الفقيرة التي قد لا يكون متوفّرًا لديها توفير زي مختلف لإبنها كل يوم. ولذلك مراعاةً للفروقات الاجتماعية الناشئة بين الأفراد، قد يكون الانطلاق من التساوي في اللباس النقطة الأولى من أجل إظهار المساواه بين التلميذ والآخر. ناهيكم عن أنّ الزي المدرسي الموحّد يساهم في تعزيز النظام المدرسي والانضباط لدى المتعلّمين وإعطاء صورة موّحدة عن المدرسة من خلال إضفاء الطابع الموحّد لعناصرها.
لا ليس بالضرورة، أنا لا أرى أهمية أو فائدة كبرى له، ولكن الأهم أن يتم فرض قواعد معينة للملابس، فيجب أن تتلاءم مع المكان وطبيعته وقدره. اختيار الملابس يعطي أريحية لصاحبها، وتجعله يعبر عن نفسه وشخصيته بالطريقة التي يحب ويرتاح أن يظهر بها، شيء جميل لو تم إعطاء الأطفال الفرصة لكي يختارون بأنفسهم ما يريدون ارتدائه، ويقدمون أنفسهم لمجتمعهم الصغير بكل ثقة.
فيجب أن تتلاءم مع المكان وطبيعته وقدره
ومن سيحكم هذه القواعد إذا تباينت الرؤى ووجهات النظر يا رنا؟ في الثانوية كان لدينا زيّ موحد وأذكر واحدة من الزميلات كانت دائمة التردد على مكتب الأخصائية الاجتماعية، كانت المدرسات يرسلنها لأنها رغم ارتدائها للزي فإنها تضيقه جدًا _من وجهة نظر المدرسات_ بينما الفتاة وأسرتها يرون الأمر عادي ومناسب.
وليس من عصر تغيب فيه الحقائق بل وتنقلب الموازين أكثر من عصرنا، ولعل نظرة واحدة لطالبات الجامعات خير دليل على هذا، وامتد الأمر لطالبات الإعدادية والثانوية، لدرجة أنني صادفت مقطعًا لفتاة كانت في الإعدادية على ما أذكر بعنوان "ميكب الامتحان"
جميل لو تم إعطاء الأطفال الفرصة لكي يختارون بأنفسهم ما يريدون ارتدائه، ويقدمون أنفسهم لمجتمعهم الصغير بكل ثقة.
ربما أختلف معك رنا، فالأطفال يجب أن يتعلموا الإنضباط والحزم ويتعرفون في بداياتهم الصغير على اتباع القوانين التي تفرض عليهم، قد يبدو حماسياً، ولكن الزي الموحد في نظري يضع جميع الأطفال في مساواة أمام قانون المدرسة وقواعدها.
أو بالأصح، هل من الضروري فرض زي موحد لأطفال المدارس؟
في الجزائر ليس لدينا زي موحد كل شخص يلبس كيفما يشاء لكن طول فترة دراستي كنت أتمنى أن يكون لنا زي موحد، عندما يكون الزي موحد كل الأطفال يشعرون أنهم متساوين ولا أحد أعلى من الآخر، تقل حالات التنمر كذلك.
من جهة أخرى تركيز الطفل يكون في الدراسة والنجاح لا غير، وليس كيف يلبس أفضل من زميله ، كيف يبهرهم بملابسه وما يملكه مثلما نرى اليوم في مدارسنا. ولحد اليوم أنا اتمنى لو يكون هناك زي موحد في المدارس والتنافس يكون على الدراسة لا غير.
أعتقد أن هذا الهدف منه خلق صورة في ذهن الطفل بأن الفرد جزء من الكل والكل ينتمي لكيان واحد وهو المدرسة ويعد هذا جزء من تعزيز الوعي ، ولكن هذا الأمر يحمل بعض التابعات الإيجابية والسلبية
فمن السلبيات تعزيز فكر القطيع والنمطية على حساب التفكير الابداعي
ومن الإيجابيات : تعزيز ثقافة التكيف والاندماج والصداقة والتعاون من خلال روح المشاركة الجماعية في زي موحد وطابور موحد ونشاطات موحدة
لكن يعزز السلبيات والإيجابيات هي درجة فهم الإدارة المدرسية نفسها لدورها وطبيعة وتأثير تلك التفاصيل في تكوين شخصية الطالب
شخصيا لا أرى أية ضرورة لفرض زي موحد لأطفال المدارس، رغم ما يمكن أن يقال عن إيجابياته، يبقى مسألة شكلية. وثمة أمور كثيرة تدخل في صلب عملية التعليم والتعلم، يجب العناية والاهتمام بها وإعطائها الأولوية. بالعكس يجب أن نشجع على الاختلاف والتفرد، من الملبس حتى الرأي والذوق والفكر وغير ذلك. وهذا من شأنه بناء شخصيات قوية حرة مبدعة ترفض القولبة والحشر مع القطيع.
الواقع مختلف أمينة، والفروقات الاجتماعية ستظهر وتتجلى باللبس ومظاهر التزين، والأطفال خاصة الصغار لن يستوعبوا هذه الفروقات مما سيزيد من التنمر بين الطلاب، وقد يشعر أحدهم بالنقص، وقد يتعالى آخر بشأن ما لديه، لذا أنا مع توحيد الزي حتى سن معين ثم بعد أن يكونوا كبار واعيين مدركين يمكن تحرير الأمر مثلما يحدث بالجامعة، فحتى بالجامعة ستجدي أثار عدم فرض زي موحد وستجدين حالات متوسطة تضغط نفسيا لعدم مقدرتها مواكبة الاتجاه العام ما بالك بالأطفال
الزي المدرسي لا يمنع الطالب من إظهار وضعه الاجتماعي.
فالغني يشتري زيه الموحد من المحلات الفخمة ويرتدي ما يشاء من الاكسسوارات ويكون معه من الطعام والمستلزمات ما يميزه اجتماعيا عن غيره من الطلاب
الفوارق الاجتماعية حقيقة لا مفر منها لماذا نحاول إذا أن نخفيها عن الأطفال في سن مبكرة لكي يصطدموا بها بعد الدراسة في الجامعة والحياة
الزي المدرسي لا يمنع الطالب من إظهار وضعه الاجتماعي.
فالغني يشتري زيه الموحد من المحلات الفخمة ويرتدي ما يشاء من الاكسسوارات ويكون معه من الطعام والمستلزمات ما يميزه اجتماعيا عن غيره من الطلاب
اليوم كافة المدارس توفر زي موحد لكل الطلاب من نفس الخامة ومن نفس الاستايل، لا يوجد أي فرق، وبالتالي لا يكون هناك فارق كما تقول، وبالتالي يمنع التباهي والتفاخر بأشياء لا تضيف لشخصية الطفل إلا الغرور والتكبر، فبدلا من أن يركز الطفل على جودة ملابسه ليظهر تميزه، سيركز على جودة أخلاقه، ودوره الفعال داخل المدرسة.
الفوارق الاجتماعية حقيقة لا مفر منها لماذا نحاول إذا أن نخفيها عن الأطفال في سن مبكرة لكي يصطدموا بها بعد الدراسة في الجامعة والحياة
من قال نخفيها، فالحياة جميعها من حولنا تتجلى بها الفوارق الاجتماعية، لكن المدرسة ليس المكان المناسب لذلك، خاصة أننا لا نذهب لعرض أزياء بل نذهب للتعلم والتركيز على ذلك، أحدثك من أرض الواقع الأمهات أنفسهم يتسارعون لشراء أغلى الأشياء من أجل أن يكون مع ابنتها أفضل حقيبة، حتى لو ليس بمقدرتها المادية أهم شيء عندها المظهر، وهذه نسبة ليست بقليلة، تخيل بهذه العقلية كيف سيكون أبنائها، مع انتشار ظواهر مثل التنمر والتفاخر المؤذي، حتى لو هناك توجيه من طرفنا وتأكيد على هذه الفوارق ومحاولة ترسيخ ذلك في الطفل، مع التنمر المتكرر لن يصمد، أنت تتحدث عن طفل بمرحلة حساسة جدا، ما زال عقله ينمو وما زال صحته النفسية تنمو، لذا النتائج لن تكون كما يجب.
وصولا لمرحلة النضج فليرتدي كل شخص كما يريد، خاصة بالصروح التعليمية لأن الهدف منها مختلف.
يبدو لي، أن الاهتمام بتكوين الأطفال وبناء شخصياتهم، وحثهم على تقبل الاختلاف وحب التفرد، هو ما يجعل الانسان فيما بعد قويا حرا، يرفض أن يشبه أي كان. و لا يرغب إلا في أن يكون هو ذاته، وهذا عينه ما يشحذ لديه عملية التفكير الحر والخلق والإبداع، في تصالح تام مع ذاته. شريطة أن يكونوا الآباء والقيمين على المدارس على وعي ودراية بالمهمة الملقاة على عاتقهم، والمسؤولية العظيمة أمام الأجيال الصاعدة، وألا يحاولوا أبدا، أن يخندقوا الأطفال في نفس الخندق، سواء على مستوى الزي أو على مستويات أهم من رأي وتفكير والميول وغيره، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فالمدارس غالبا ما تضم الأطفال المتقاربة مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية، فالا يمكن قط أن يلتحق طفل من الطبقة البورجوازية بمدرسة في حي شعبي ويدرس مع أبناء الفئات الفقيرة والمتوسطة.
على مستويات أهم من رأي وتفكير والميول وغيره،
هذا معك فيه، فهناك حرية لإبداء الرأي، وحتى على مستوى المشاركات والميول، لكن بالزي لست مقتنعة أبدا بأن يكون الطفل كل همه وهو ذاهب للمدرسة أن يختار أي طقم والمبالغة في الاهتمام بالمظهر الخارجي في حين هو ذاهب لطلب العلم، يعني بجانب التوحيد والمساواة بين الأطفال، أيضا هذه ساحة للتعليم وليس للتزيين، حتى أنهم يحرصون على أن تكون الفتيات شعرهم منظم وليس تسريحات مختلفة، وممنوع الإكسسوار، والهواتف والحذاء لون موحد، هذا أسهل بكثير ويجعل الفتاة أو الطالب معلوم ماذا سيلبس ولماذا، خلاف ذلك ستجدين مغالاة بالتحضير والتنسيق وخلافه، تعلمين الجيل الحالي.
فالمدارس غالبا ما تضم الأطفال المتقاربة مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية، فالا يمكن قط أن يلتحق طفل من الطبقة البورجوازية بمدرسة في حي شعبي ويدرس مع أبناء الفئات الفقيرة والمتوسطة.
ليس اليوم أمنية، للأسف هناك أبناء الطبقة المتوسطة قد يدفعون رواتبهم أو حصيلة إدخارهم طوال السنة ليكونوا بمدرسة انترناشونال وسط الطبقات المرتفعة، وهنا يكون في جهاد ليلحقوا بهم.
هناك أبناء الطبقة المتوسطة قد يدفعون رواتبهم أو حصيلة إدخارهم طوال السنة ليكونوا بمدرسة انترناشونال وسط الطبقات المرتفعة، وهنا يكون في جهاد ليلحقوا بهم.
اعرف هذا جيدا، إلا أن هذه الفئات لا يربطها رابط بالتخطيط والعقلانية والترشيد لمداخيلها المادية، وتعيش في ازدواجية ومغالطة نفسها قبل غيرها.
لهذا ذكرت في تعليقي السابق، المفروض أن تعي الأسر، والقيمين على المدارس، جسامة المسؤولية الملقاة على عاتقهم، إزاء الأجيال الصاعدة، وكيفية تحويل انتباههم إلى لب عملية التعليم والتعلم، بدلا من طمس اختلافاتهم بالزي الموحد، أو ركوب موجة أكبر من قواربهم، وتسجيل أبنائهم بمدارس أنترناشونال.
في رأيي المتواضع هذا هو مفهموم التعليب المدرسي في أوضح صوره، فلو كانوا يريدون تمييز الطلاب تكفي شارة على كتف الطالب أو بطاقة معلومات على ثيابه العادية تمكن الجميع من معرفة مرحلته الدراسية بسهولة، لكن فكرة توحيد الزي لم اجدها إلا في الأماكن التي تريد أن تغلي شخصية الإنسان الأساسية التي ولد بها، وتلبسه شخصية أخرى بالإجبار، يلتزم فيها بمعايير معينة في التفكير والتصرف وغيرها.
وقد كتبت مقالا على صفحتي يشرح مشكلة التعليب في المدارس.
التعليقات