ربما يلفت أنظارنا طالب مرتب الإجابات ومتقن لما يكلف به، أو طالبة يمكننا جليا رؤية تفتح ذهنها من لسانها، فلها أسئلة كثيرة لماحة تنم عن شغف.
ولكن هل فكر أحدنا يوما في بعض الأسئلة مثل:
1. أهي هبة ربانية؟ أم صقل دءوب للقدرات؟
2. ما العوامل التي تساعده على ذلك؟
3. هل حياتهم عادية مثلنا؟ أم هناك ما ليس في الحسبان؟
للأسف فنحن لا نستطيع الاستمرار في متابعة أحد المتفوقين طول العمر، يمكننا بأقصى حد متابعته في أحد مراحله الدراسية. كذلك لا يمكننا رؤية تفاصيل يومه كاملة لنعرف من أين تبدأ القصة وإلى أين تؤول.
لحسن الحظ أظن أنني أعرف شخصا متفرغا لسرد قطاع كبير من حياته كطالب متفوق.
هذا الشخص اسمه محمد، وهو من أسرة متوسطة الحال جميع أفرادها بين معلم وطبيب ومهندس. والده معلم للغة العربية ووالدته معلمة للعلوم، لذلك فقد نشأ مولعا باللغة والعلوم، بل بالثقافة وحب الاستطلاع عموما. لقد أخبرني ذات مرة أن هدايا عيد ميلاده كانت عبارة عن كتب! وكان والداه المسئولين بشكل كامل عن يومه الدراسي المنزلي ما بعد يومه الدراسي المدرسي.
في المدرسة الأساسية كان اسمه دائما في الصدارة حينما نتحدث عن التفوق والثقافة والانضباط، لكنه كان يأتي في آخر القائمة إذا سألنا زملاءه من تختارون لتشكيل فريق كرة القدم أو لمجلس الفصل. بالانتقال إلى الثانوية ثم الجامعة تجد الأمر قد تغير تدريجيا، لقد ظل بشكل عام متفوقا، فقد التحق بمدرسة خاصة بالعلوم والتكنولوجيا ثم بكلية الطب، ولكن لم يعد في صدارة المتفوقين، في المقابل نلاحظ ازديادا غريبا في شعبيته واجتماعيته.
في رأيي
أن هذا المثال الحي عوامله متداخلة جدا في جزئية (هل خلق متفوقا أم صار متفوقا)، لكن بعض تفاصيل القصة تبرز لنا احتمالية علاقة بين التفوق وبين الاجتماعية، أو بمعنى أوسع: بين التفوق وبين التضحية.
لا أعلم إن كان كل المتفوقين مثل نموذج محمد أو إذا ما كان كانت قصته تسير الآن نحو مجراها الطبيعي أم نعتبر التغير الذي حدث قصورا!
يبدو أننا قد نعود لنصطدم بأنظمة التعليم مجددا
لكن ما ينبغي الاصطدام به الآن في نظري هو الواقع: هل الإنسان مطالب بالتفوق دائما في جميع مراحل حياته ومجالات نشاطه؟ فكرة التفوق في حد ذاتها تحتاج إلى معايير ومسارات عدة لا تقل أهمية عن مسارات التعليم. يجب أن ننظر أيضا إلى مدى النفع الذي حصل: هل أضاف هذا المتفوق جديدا إلى العالم أم إلى نفسه، وهل أضاف حقا إلى نفسه أم أضاف فقط إلى قائمة الإنجازات وقوائم الشرف.
في انتظار آرائكم وخواطركم، لعلنا نظفر بقصة متفوق آخر أو متفوقة أخرى تكشف لنا مزيدا من الحقيقة وتزيل عنا بعضا من الريب.
التعليقات