الجزائر تعيد حكم الإعدام بعد 32 عام من منعه، ومن المقرر البدء في تنفيذه كقانون في المستقبل القريب، هذا القرار يعيد إحياء سؤال مهم جداً عن مدى إنسانية عقوبة الإعدام، هل فعلا عقوبة الاعدام عقوبة عادلة أم أنها جريمة مقننة تحتكر الدول ممارستها باسم القانون والسيادة؟

انقسم الفلاسفة بشدة حول شرعية قتل الدولة للفرد باسم العدالة. فـفيلسوف السياسة والعقوبات سيزار بيكاريا، في كتابه "عن الجرائم والعقوبات" اعتبر الإعدام جريمة تمارسها الدولة بغطاء قانوني، مؤكدًا أن الردع والتقويم لا يحتاج إلى القتل بل إلى إصلاح المجتمع بشكل ودي غير عنيف، بينما نجد رأي مخالف عند هيغل في "فلسفة الحق" إذ يرى أن الإعدام هو الشكل الأسمى من العدالة لأنه يعيد التوازن الأخلاقي بانتهاك حياة المعتدي في مقابل انتهاكه لحياة الضيحةويتفق معه كانط، في "أسس ميتافيزيقا الأخلاق" الذي داع عن الإعدام باعتباره واجب أخلاقي لا مفرّ منه حين يزهق القاتل حياة غيره، إذ يجب أن يعامَل بالمثل ليحترم القانون ذاته.

لكن فلاسفة معاصرين مثل ميشيل فوكو في "المراقبة والمعاقبة" - والذي أميل إلى رأيه - رأوا أن الإعدام استمرار لسلطة الانضباط الحديثة التي تملك الجسد وتسلبه لتأكيد سيادتها، وأن الإعدام هو احتكار ممارسة العنف بسم القانون...

يبقى السؤال: هل تمارس الدولة العدالة حين تقتل؟ أم تؤكد فقط سلطتها على الجسد والروح؟ والسؤال الأهم: هل الإعدام حكم أخلاقي أم جريمة مقننة؟