ابن عمي كان يعيش مع أسرته في جو من التوتر الدائم كلما حاول التعبير عن أفكاره اتهم بالتعقيد وكلما طلب مساحة شخصية وصف بالأنانية كانوا يظنون أنه غريب الأطوار بينما هو فقط كان يحتاج إلى من ينصت دون أن يقاطعه من يصدق أن اختلافه ليس خللًا بل طبيعة كان يكتب الشعر يحب العزلة والتأمل لكن في بيته كانت تلك الصفات تعد علامات ضعف بمرور الوقت بدأ يفقد ثقته بنفسه توقف عن الكتابة وتظاهر بالانخراط معهم فقط ليتجنب الصدام حتى جاء يوم وقرر السفر بعيدًا للدراسة وفي أول لقاء جمعه بأصدقاء جدد قال له أحدهم كلامك عميق وجميل لماذا لا تشاركنا أكثر؟ جملة بسيطة أعادت إليه الحياة فهمه أحد فبدأ يتغير يتكلم ويبتسم من جديد فالحياة مع من لا يفهمك تطفئك ويكفي شخص واحد يرى حقيقتك ليمنحك الحياة من جديد فكيف يؤثر غياب الفهم والدعم الأسري على شخصية الفرد وثقته بنفسه؟ شاركونا آراءكم
العيش مع من لا يفهمك هو الأسوأ
أظن أن موقف ابن العم لا يختلف عن معظم الأبناء من جيلنا، لأن الأهل بينهم وبين الأبناء أجيال وتطورات جعلت لغة الحوار نفسها مختلفة، لذلك أن يجد الأبناء من يشبهمم بين الأصدقاء والزملاء من نفس السن، عن الأهل والأقارب بفرق سن كبير. وبالنسبة لسؤالك، غياب فهم الآباء لتلك الفروقات، وعدم قدرتم على دعم الأبناء، ثؤثر للأسف في المحور الأساسي للثقة بالنفس، والشعور بالقيمة الذاتية، ولكن مع زيادة الوعي، أظن إننا نكتسب قدرات فكرية لنعرف أن الأهل يخشون فقط عزلتنا لإنها قد تعني "في نظرهم" إننا لسنا بخير، ولكن مع التواصل -إذا أمكن- قد تتغير الأفكار خطوة بخطوة.
أتفق مع هذا التحليل. هناك العديد من الحالات التي لن يتفهمها الأهل من دون التوعية. المهم أن يكون الجيل القادم واعٍ لمسائل مثل التوحد و ال ADHD و ASD وما شابه، وأن يتقبل أن هذا جزء لا يتجزأ من تركيبة الشخص وكونونيته وأن يكونوا عوناً لأبنائهم في المستقبل. المشكلة أن العديد من هذه المسائل المتعلقة بالصحة النفسية والعقلية هي نسبية.
لابد أن ننظر للامر من جهتين، فالاهل بدورهم لابد ان يتفهموا اختلاف الجيل الجديد، وان يشجعوا ابنائهم على ابراز مايتميزون به مادام داخل اطار الدين والاخلاق ولم يفعلوا شيىا حراما او عيبا،..
ومن جهة الاولاد لابد أن يتفهموا طبيعة الاهل وانهم يحبونهم بالتأكيد وان كانوا لا يفهمونهم تماما، عليهم ان يكونوا اوعى بطبيعة اختلاف الاجيال من والديهم، وان يتعلموا كيف يوازنون بين دورهم كابن العائلة ودورهم الذي يريدون ان يعيشوه مع اصدقائهم او خارج اطار العائلة، ما المانع ان كنت في البيت ابن عائلتي كما تريد.. وفي الخارج القي شعري على اصدقائي؟ لا اظن ان هناك اي مشكلة، يجب ان يتعلموا المرونة
ما المانع ان كنت في البيت ابن عائلتي كما تريد.. وفي الخارج القي شعري على اصدقائي؟ لا اظن ان هناك اي مشكلة، يجب ان يتعلموا المرونة
بس هذا أمر صعب فالإنسان يحتاج أن يكون مرتاحًا في بيته أكثر من أي مكان آخر من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالأمان داخل بيته وأن يكون على طبيعته دون تكلّف لكن أحيانًا حين يشعر أن رأيه غير مقبول أو أن تصرفاته دائمًا محل نقد يشعر بالضيق ويبدأ بالبحث عن أماكن أخرى يجد فيها القبول وهذا قد يسبب فجوة بين الأهل والأبناء لذلك لا بد أن يكون هناك تفاهم واحتواء من الطرفين
الأهل في الغالب لا يفهمون هذه الحالات إلا إذا مرّوا بتجربة شخصية أو حصلوا على توعية كافية مثل التوحد أو فرط الحركة أو التشتت وغيرها من الأمور المرتبطة بالصحة النفسية من المهم أن نعلّم الجيل الجديد أن هذه الأمور ليست عيبًا بل هي جزء طبيعي من تكوين الإنسان ويجب التعامل معها بتفهم ودعم وليس بالخوف أو الرفض أيضًا البيئة المحيطة مثل المدرسة أو العائلة الممتدة لها دور كبير أحيانًا الطفل لا يتأذى من أهله بقدر ما يتأذى من نظرة الناس أو تصرفات المعلمين والطلاب لذلك التوعية يجب أن تكون شاملة للجميع
فعلا عبرتِ عن اللي كنت حابة أقوله تماما، وكأنك قرأتي أفكاري.
كلامك دقيق جدا خصوصا في نقطة اختلاف اللغة بين الأجيال، وفي نفس الوقت، لازم نكون واعيين إن النوع ده من الكلام والنقاش ينفع مع الأصدقاء، لكن مع الأهل لازم نراعي فرق المكانة، ونتجنب الزعل من كل كلمة، لأنهم أهلنا، ونيتهم دايما بتكون الخوف والحب، حتى لو طريقتهم مش دايما بتوصل ده بالشكل اللي نتمناه.
نعم في فجوة كبيرة بين الأهل والأبناء بسبب فرق الأجيال وطريقة التفكير حتى الكلمات التي نستخدمها أصبحت مختلفة وهذا يجعل كثيرين يفضلون الحديث مع أصدقائهم لأنهم أقرب لفهمهم ويتحدثون نفس اللغة لكن أرى أيضًا أن المشكلة ليست فقط في اختلاف الجيل أحيانًا الأهل أنفسهم لم يتعلموا كيف يعبرون عن مشاعرهم أو يستمعون للطرف الآخر فيصبح الأمر أصعب من مجرد فرق في السن وفي رأيي هذا يؤثر فعلًا على ثقة الأبناء بأنفسهم لأنك حين تشعر أن أقرب الناس إليك لا يفهمونك فإن ذلك يهزك قليلًا لكن لو فكرنا من ناحيتهم قليلًا قد نجد أنهم فقط يخافون علينا لكن مع الأسف خوفهم يتحول أحيانًا إلى تحكم أو نقد وليس دعمًا كأبناء لدينا أيضًا دور نؤديه ليس فقط الشكوى يجب أن نحاول أن نقترب ونتحدث ببساطة ونشرح ونستمع ربما يفتح الحوار بابًا لم يكن موجودًا من قبل وأحيانًا نُفاجأ أن أهلنا كانوا يحتاجون فقط لمن يبدأ بالكلام حتى يستمعوا إلينا ويتحدثوا هم أيضًا
قد يؤدي غياب الفهم والدعم الأسري إلى نتائج كارثية مع مرور الوقت، فالشخص الذي لا يشعر بالتقدير أو الاحتواء داخل بيته قد يفقد ثقته بنفسه تدريجياً، ويبدأ يشك في قدراته حتى لو كان مميزاً، لي صديقة مثلاً كانت دائماً تسمع كلمات محبطة من أهلها، ومع أنها كانت ناجحة ومجتهدة إلا أنها كانت تشك في كل خطوة تخطوها، والتجربة الأقسى أن لي جار انتحر للأسف، بسبب الضغط النفسي الشديد وغياب الاحتواء والدعم من أسرته، فالدعم الأسري برأيي مش رفاهية، هو أمان نفسي وأساس تبنى عليه حياة كاملة.
نعم صحيح وموجود فعلاً في كثير من البيوت للأسف البيت المفروض يكون المكان الذي نشعر فيه بالأمان والتقدير وغياب هذا الشيء ممكن فعلاً يكسر الشخص من داخله حتى لو كان ناجحًا من الخارج أرى أن أحيانًا الشخص يحاول أن يثبت نفسه خارج البيت ليعوّض النقص الذي يشعر به داخله لكن هذا يستهلكه نفسيًا على المدى البعيد ربما لو انتبه الأهل لتأثير كلماتهم ودعمهم البسيط كم هو مؤثر كان الوضع سيكون مختلفًا الدعم لا يحتاج مجهودًا كبيرًا بل يحتاج وعيًا واحتواء
رأيي باختصار هو أن غياب الفهم والدعم الأسري قد يكون مدمرًا لشخصية الفرد، خاصة في مرحلة الشباب حيث تتشكل الهوية. عندما يواجه الإنسان النقد أو الرفض المستمر من أقرب الناس إليه، قد يبدأ في الشك بقيمته، كما حدث مع ابن عمك الذي تخلى عن شغفه بالشعر. لكن القصة تُظهر أيضًا أملًا: أحيانًا يكفي شخص واحد يرى جمالك الحقيقي ليمنحك الثقة لتبدأ من جديد. الأسرة هي الملاذ الأول، لكن عندما تفشل في احتضان اختلافات أبنائها، تصبح عبئًا بدلاً من دعامة. لذلك، من الضروري أن نزرع في أسراتنا ثقافة الإنصات والتقدير، لأن كلمة واحدة قد تكون جسرًا يعيد الإنسان إلى ذاته.
صحيح كلامك كثير من الناس قد تكون لديهم مواهب حقيقية لكن لا يجدون أي دعم من أهلهم وبدلًا من أن يكونوا هم السند يصبحون أول من يحبطهم وهذا شيء مؤلم خاصة عندما يكون الشخص في بداية طريقه لكن في رأيي حتى لو لم نجد الفهم من أهلنا من المهم أن نبحث عن بيئة بديلة تدعمنا ولو كانت صغيرة لأن السكوت أو الاستسلام ليسا حلًا قد يكون صديق أو معلم أو حتى شخص غريب يؤمن بنا فيفتح لنا بابًا جديدًا المشكلة ليست في غياب الدعم فقط المشكلة أن كثيرًا من الأهل يظنون أنهم يعرفون الأفضل دائمًا فيرفضون أي شيء يختلف عن توقعاتهم لذلك من الضروري أن نبدأ الحديث أكثر عن أهمية تقبل الاختلاف داخل البيت
الفهم والدعم الأسري هما الجذور التي ينمو منها الإنسان، وغيابهما يترك النفس تبحث عن نفسها وسط العتمة. حين يُساء فهمك في بيتك، تبدأ بالتشكيك في ذاتك، حتى تنطفئ بصمت. لكن الحياة تعلمنا أن كلمة صادقة من شخص غريب قد تعيد ما أطفأه الأقربون. ليس كل مختلف معيب، أحيانًا هو فقط سابق لزمنه.
أحيانًا يكون أصعب شعور هو أن تبحث عن من يفهمك داخل بيتك ولا تجد فتبدأ تشك في نفسك وفي مشاعرك لكن مع الوقت نتعلم أن الدعم ليس شرطًا أن يأتي من الأهل يمكن أن يأتي من صديق أو حتى من شخص غريب بكلمة طيبة المهم أن نتمسك بأنفسنا ولا نسمح لغياب الفهم أن يطفئ نورنا وأعتقد أن الحوار الصادق والهدوء يمكن أن يفتح بابًا للفهم حتى مع أقرب الناس فقط يحتاج إلى وقت وصبر
التعليقات