عراك بالوسائد، شقلبات، أو حتى جلسة مصارعة خفيفة، غالبًا ما ترافقها نوبات من الضحك والقهقهات بين الأطفال الذين يستمتعون بهذه الأنشطة مع آبائهم من وقت لآخر. ومع ذلك، قد يشعر بعض الآباء والأمهات بالقلق من أن يكون هذا النوع من اللعب العنيف سببًا في إيذاء أطفالهم أو تعرضهم لمشكلات جسدية أو سلوكية.
فوائد اللعب الخشن
كلنا نحرص على سلامة أطفالنا في المقام الأول، ومع ذلك فإن اللعب الخشن، أو ما يُعرف بـ"العنف الآمن"، له فوائد كثيرة وواقعية على نمو الطفل.
أظهرت الدراسات العلمية أن اللعب الخشن يساهم في إفراز مواد كيميائية في الدماغ تغذي المناطق المسؤولة عن الذاكرة واللغة والمنطق، مما يعزز نمو الخلايا العصبية ويجعل الأطفال أكثر ذكاءً.
كما يساعد هذا النوع من اللعب الأطفال على تطوير مهارات اجتماعية مهمة؛ إذ يكتسبون مهارات ضبط النفس ويصبحون أكثر ثقة عاطفيًا تجاه المقربين منهم. ومن خلال اللعب الخشن، يتعلم الطفل قراءة مشاعر الآخرين والتحكم في عواطفه.
رغم الاعتقاد الشائع أن الأطفال العدوانيين يقلّدون سلوكيات عدوانية شاهدوها، فإن الأبحاث الحديثة توضح أن العدوان فطري وطبيعي في الأطفال، لكنه يقل مع تعلمهم التعبير الصحيح عن مشاعرهم، مما يجعل سلوكهم وسيلة صحية للتعبير العاطفي.
تعزيز اللياقة البدنية والشعور بالحرية
اللعب الخشن لا يعني فقط القوة البدنية، بل يشمل أيضًا تحسين التنسيق الحركي، التركيز، واللياقة القلبية الوعائية. ومن خلال هذا اللعب، يحظى الطفل بفرصة ممارسة نشاط بدني منتظم يساعد في تفريغ الطاقة، تقليل التوتر، وتعزيز الصحة النفسية والجسدية.
اللعب الخشن حسب مراحل العمر
يحب الأطفال من جميع الأعمار اللعب بشكل خشن، سواء مع أقرانهم أو مع الوالدين، من خلال العراك الآمن، القفز، الدوران، رفع الطفل في الهواء، أو الدغدغة.
- في مرحلة الرضاعة، ينجذب الطفل للحركات المفاجئة والمثيرة طالما يشعر بالأمان، مثل القفز على ركبة الوالدين أو رفعه ببطء في الهواء، مع ضرورة توخي الحذر لتجنب الإصابات.
- في الطفولة المبكرة، يفضل الأطفال الألعاب النشطة كالركض، اللعب بالدمى، العراك بالوسائد، والزغزغة، ويفضل أن يكونوا يقظين ومستيقظين للاستمتاع بها.
- أما في سن المدرسة الابتدائية، فيكون الأطفال أكثر ميلاً للعب الخشن خاصة مع أصدقائهم، ويستمتعون بالمصارعة الآمنة على الأسطح الناعمة مثل الأسرّة.
محاذير اللعب العنيف للحفاظ على سلامة الطفل
الرضع والأطفال الصغار معرضون بشكل أكبر للإصابة بسبب ضعف عضلات الرقبة وكبر حجم الرأس مقارنة بجسمهم، إضافة إلى هشاشة عظام الجمجمة والأوعية الدموية لديهم.
لذلك، إذا رغب الآباء في ممارسة اللعب الخشن مع أطفالهم، فمن الضروري مراعاة الآتي:
- لا تهز الطفل بقوة مطلقًا، لأن ذلك قد يسبب إصابات خطيرة مثل متلازمة الرضيع المهزوز التي تؤدي إلى أضرار دماغية وربما الموت.
- يمكن هز الطفل بلطف على ساق الوالد أو في أرجوحة، أو تحريكه بين الذراعين برفق.
- تجنب رمي الطفل عاليًا في الهواء، خصوصًا إذا كان عمره أقل من عامين، وبدلاً من ذلك، ارفعه بلطف وتحرك به ببطء.
- لا ترفع الطفل من ذراعيه، بل دعم رأسه ورقبته برفق، ولا تسحبه بقوة لتجنب خلع المفاصل.
عندما يكبر الطفل (3 سنوات أو أكثر)، من المهم شرح قواعد اللعب الخشن له ولأصدقائه لضمان اللعب الآمن والممتع.
عادةً ما يُظهر الأطفال في اللعب العنيف علامات الفرح والحماس، مثل الابتسام والضحك، ولا يكون هناك أي شعور بالخوف أو الألم. أما إذا لاحظت أي علامات مثل البكاء أو الغضب، فهذا يعني أن اللعب تجاوز حدوده، ويجب التوقف فورًا.
وأخيرًا، بما أن اللعب الخشن قد يتحول أحيانًا إلى عراك حقيقي، من المهم للوالدين وضع قواعد واضحة لما هو مقبول وغير مقبول أثناء اللعب، للحفاظ على سلامة الجميع.
ولكن قد يساور بعض الآباء والأمهات مخاوف من أن هذا الشكل من اللعب العنيف قد يؤذي صغارهم أو يعرضهم لمشكلات جسدية أو سلوكية، فما هو المعيار الذي يضمن سلامة واستمتاع الطفل؟
التعليقات