لماذا يفشل معظم الناس في تطوير أنفسهم رغم توفر كل الموارد

صحيح أن الموارد موجودة ومتاحة ولكن كان بإمكاننا الحديث عن السعي نحو تطوير أنفسنا في ظل مشتتات العصر وهي مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي والألعاب و التطبيقات الأخرى، الإدمان اليوم جعل حياة الكثيرين عالقة داخل روتين محدود وداخل منطقة راحة لا يقدر على الخروج منها، الجميع منهمك في هاتفه الذكي، التصفح لا يتوقف والعديد من الفيديوهات القصيرة تتلقاها الأعين والدماغ يحللها دون توقف، الانسان في هذا العصر كالدمية يتم التلاعب بها، هو كالفأر داخل حلقة تجارب عملية التطوير ستبقى صعبة ما دام الانسان في دائرة الإدمان على هذه التقنيات وفي حال لم يحسن استخدامها جيدا.

السبب الرئيسي لفشل معظم الناس في تطوير أنفسهم ليس قلة الموارد، بل عوامل نفسية وعملية متداخلة تجعل الاستمرار صعباً. فالتطوير الذاتي ليس مجرد جمع للمعلومات، بل يتطلب التزاماً وتطبيقاً مستمراً، وهنا تكمن المشكلة. كثيرون يبدأون بحماس لكن دون رؤية واضحة لما يريدون تحقيقه فعلياً، فيفقدون الحافز مع الوقت. كما أن كثرة المحتوى المتاح تجعل البعض يقعون في فخ استهلاك المعرفة دون تطبيق، فيشعرون وكأنهم يتطورون بينما لم يحققوا تغييراً ملموساً. أضف إلى ذلك أن الخوف من الفشل يجعل البعض يتردد في التطبيق، مما يؤدي إلى التوقف قبل تحقيق أي نتائج حقيقية. أيضاً، الاعتماد على الحماس فقط دون وضع خطة واضحة أو تحويل التطوير إلى عادة يومية يؤدي إلى التوقف سريعاً.

وهل لديك تجربة شخصية مع هذا الموضوع

لفترة طويلة كنت أعتقد أنني بحاجة إلى الظروف المثالية لأبدأ في تطوير نفسي، فكنت أؤجل تعلم مهارة جديدة أو تحسين عاداتي بحجة أنني مشغوله أو أنني سأبدأ عندما يكون لدي وقت فراغ كافٍ. لكن مع مرور الوقت، أدركت أن هذا كان مجرد عذر يمنعني من التقدم، لأن (الوقت المثالي) لم يأتِ أبداً. عندما بدأت أستغل فترات الانتظار أو أوقات الفراغ القصيرة لإنجاز ولو شيء بسيط، وجدت أن التقدم يحدث حتى دون الحاجة إلى ظروف مثالية. التغيير الحقيقي بدأ عندما توقفت عن انتظار اللحظة المناسبة وبدأت أتصرف بما هو متاح أمامي.

أعتقد أن السبب الرئيسي لفشل معظم الناس في تطوير أنفسهم هو فقدان الشغف. في البداية، يكون الشخص مليئًا بالحماس والرغبة في التعلم، لكنه مع الوقت يشعر بالملل أو الإحباط، خاصة إذا لم يرَ نتائج سريعة. الشغف هو المحرك الأساسي للاستمرار، لكنه وحده لا يكفي، فبدونه يصبح التعلم مجرد اندفاع مؤقت ينتهي عند أول عقبة.

نصيحتي لمن يعاني من هذا الأمر هي أن يعتمد على الانضباط أكثر من الشغف. الشغف متقلب، قد يضعف أو يختفي، لكن العادات والانضباط هما ما يجعلانك تستمر. ضع لنفسك خطة واضحة، قسم أهدافك إلى خطوات صغيرة، وركز على التقدم المستمر حتى لو كان بطيئًا. لا تنتظر أن تشعر بالحماس كل يوم، بل اجعل التعلم جزءًا من روتينك اليومي، وستجد نفسك تحقق نتائج حقيقية على المدى البعيد.

بدلاً من محاولة "تعلم كل شيء"، ربما يكون التركيز على تطبيق شيء واحد فقط، ولكن بعمق واستمرار، هو الطريق الفعلي للتطوير الذاتي.

برأي الأسباب ترجع إلى أن كثيرون يظنون أن قراءة كتاب عن النجاح تعني أنهم سيتغيرون تلقائيًا، بينما الحقيقة أن التغيير يأتي من التجربة وليس فقط من المعلومات.

أيضا نجد بعض الأشخاص يبدأون رحلتهم بدافع خارجي (مثل الضغوط الاجتماعية أو تقليد الآخرين) وليس بدافع داخلي حقيقي، مما يجعل الحماس يخبو سريعًا، وحتى الانتقال السريع بين المصادر – كثرة الدورات والكتب قد تؤدي إلى التشتت، حيث ينتقل الشخص من فكرة إلى أخرى دون أن يمنح نفسه وقتًا لاستيعاب أي منها بعمق.

بجانب ما ذكره الزملاء، أرى أننا في عصر تُعرض فيه المعرفة كما تعرض السلع في السوق، وكلما زادت الخيارات، زادت الحيرة. والنتيجة هي أن الشخص قد يبدأ في دراسة دورة تدريبية أو قراءة كتاب في مجال ما، لكنه سرعان ما ينتقل إلى آخر لأنه يعتقد أن "هذا هو الأفضل" أو "ربما لو قرأت هذا، سأتطور أكثر."

هذه الوفرة كذلك تجعل الكثيرين يزهدون في الاستفادة منها. عندما يتاح لك كل شيء دفعة واحدة، يصبح اتخاذ القرار بشأن ما يجب تعلمه أمرًا مرهقًا. وعندما يُقضى وقت طويل في التنقل بين المصادر، لا يحدث التقدم الفعلي المنتظر.