منذ طفولتنا غرست فينا قصص الكرتون في عالمًت مليئًا بالخيال والأحلام، حيث تتحقق جميع الرغبات بلمسة عصا سحرية، ولكن مع تقدمنا في السن نبدأ في إدراك أن الواقع أكثر تعقيدًا، وأن تحقيق النجاح والسعادة يتطلب جهدًا ومثابرة.
يشير مصطلح "فخ ديزني" إلى ميلنا للتعلق بخيال تحقيق الأحلام بسهولة ويسر، دون بذل أي جهد حيث نعتقد أن النجاح والثروة والحب سيأتون إلينا دون أن نضطر إلى التضحية أو العمل بجد، فبماذا تنصح شخصًا لينتقل من هذه الحالة إلى عيش الواقع كما هو؟
لأول وهلة اعتقد أنك تتحدثين عن الطريقة التي أصبحت ديزني تدس بها السم في العسل بنشر افكار معينة، ثم قرأت موضوعك وقلت في نفسي من الواضح أنهم بالأساس يدسو السم في السم فلا عسل بالأمر سوى جمالية الرسوم المصورة - هذا بافتراض أنها جميلة من الأساس 😅 - وأتفق معك أن هذه الأفلام الحالمة عن الأميرات وفتيان الأحلام على الأحصنة تؤثر على نظرتنا وطريقة تعاملنا مع الواقع وتضر بنا وبطريقة تفكيرنا رغم نظرتنا إليها بكونها مجرد ترفيه لا أكثر ولا اقل، وأعتقد أن جزء من الحل يكون بالحد من استهلاك هذا النوع من المحتوى الترفيهي واستبداله بآخر أكثر واقعية ومنطقية من هذا.
فكرة المساهمة أيضا ينطبق عليها دس السم بالعسل، فالمشكلة أننا ننشأ على هذا النوع من المدخلات الذي يرسخ في عقولنا فكرة أن كل شيء في الحياة جميل ورائع بدرجة مبالغ فيها. نعم هناك الشر، ويتم تصويره، ولكنهم دائمًا يقولون إن الخير ينتصر حتى لو لم يسع ذلك الخير للانتصار.
ثم في الحياة الواقعية تجد أن الشر ينتصر أحيانًا بل في معظم الأحيان عادي جدًا.
لكن محور المساهمة كما ترى ليس مهاجمة ديزني ولكنه مستوحى من تأثيرها.
أعي ذلك لكن مهاجمتها ليست خارج محور النقاش في رأي وتأثيرها هذا قد يستحق الهجوم، اضافة إلى أني على المستوى الفني أرى أفلام الانيميشن اليابانية أفضل بكثير من حيث الأفكار المناقشة وجودة الرسوم وبقية أجزاء الصناعة هذه فلا أجد حتى متعة في مشاهدة معظم أفلام ديزني سوى ما كان بالشراكة بينها وبين بيكسار، وانا تطرقت أيضًا لموضوع النقاش الأساسي في تعليقي.
تخيلت حلول فورية لكثير من الأمور في حياتي، كلها لم تتحقق، حتى الذي طلبته بسرعة عادية لم يتوقع، كل شيء يحتاج إلى وقت للتشكيل في هذا العالم، المشكلة فعلاً كما ذكرت أن هذه العقلية تتغذى على الروايات وعلى الأفلام والحكايات الخيالية وحتى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يبدو النجاح في كثير من الأحيان بلا جهد.
للأمانة هناك جاذبية للتحول والتغيير بين عشية وضحاها، فطرتي ترفض تكذيب هذا الأمر، حب الإشباع الفوري، ولكن بحسب خبرتي التقدم الحقيقي كان دائماً يتطلب جهد متواصل وصبر ومرونة للتكيف، أكثر من سنة وأنا أعد معرض أعمالي فقط حتى أستطيع الوصول للوكالات والشركات التي أريد أن أتقدم إليها بوظيفة، أي محض التقدم لهم كلفني سنة أو أكثر من عمري، هذا ما يجب تقبله فب الحياة، كل من يريد الأمور بسرعة أو العكس يتمهل زيادة هو من يتعب.
أحيانا يكون الأمر مجرد سوء تقدير للوقت والمجهود، وأعتقد أن شخصيتك قد تميل لهذا أكثر، من خلال متابعتي لتعليقاتك هنا لا أرى أنك قد تكون تلك الشخصية الحالمة.
أعتقد أن صدمة التعامل مع الحياة الواقعية والعملية هي من توقظ الشخص من هذا الوهم الذي يمكن أن مغريًا في بداية المشوار. فور ما نفشل في تحقيق أمورنا بسهولة كما كنا نأمل، ندرك أن النجاح ليس نتيجة للحظ السعيد أو السهولة الفورية، بل هو نتيجة لتخطيط دقيق وجهود مستمرة ومثابرة.
لكن البعض للاسف حتى لو صفعته الحياة مرات عديدة يبقى مؤمن منتظر مارد سحري ليخرجه من ماهو فيه، ولقد مر علي أشخاص كثيرين يؤمنون أنهم سيدخلون الجامعة وستأتيهم رسالة القبول ومجموعهم لايؤهلهم لدخول جامعة خاصة حتى!
ولهذا السبب تبنيت منهجي الخاص في التعامل مع الحياة وهو أن أستأصل ذلك الوهم من جذروه بأن أتذكر دائمًا أن الطبيعي من الحياة هو الصدمة والرفض وكل ما هو سلبي، نحن جئنا للحياة لنتعامل مع كل هذا. حين يحدث شيء إيجابي أو يسير كما خُطط له فستكون هذه مفاجأة تستدعي الفرح والاحتفال والشكر قبل كل شيء.
فبماذا تنصح شخصًا لينتقل من هذه الحالة إلى عيش الواقع كما هو؟
التجربة خير برهان، ما إن يخوض هذا الحالم تجربة تقوم بتحطيم كل تصوراته سيستيقظ ويبدأ بالتفكير بواقعية، إذا كان يظن أن بإمكانه تحقيق الثروة في يومين دعه يمضي في ذلك ويكتشف زيف هذه الإدعاءات، أضف إلى ذلك العديد من الأمور الأخرى كالشهرة، النجاح، الحلول السريعة للمشكلات.
ولكن عمومًا بما أننا كائنات تطمح للسرعة وتحقيق الأمنيات، ويوجد بالفعل عدد من الأمور التي تمنحنا هذا الشعور اللحظي باللذة، لا بأس بالقليل من إرضاء هذا الشعور، مثلاً عن طريق حيازة هذه الإنتصارات الصغيرة في لعبة تمنحنا شعور الإنتصار الوهمي والسريع، أو وجبة سريعة من مطعمك المفضل، أو استراحة صغيرة بعد يوم عمل متعب، يمكنك عن طريق الخيال أن تقنع نفسك أن أمنياتك تتحقق بكل بساطة!
بالنسبة لي، فمفهوم التوكل على الله هو ماساعد في إبعاد المفاهيم التواكلية عني، عندما تستوعب آية وأن ليس للإنسان إلا ماسعى، وقتها فقط ستدرك .
فبماذا تنصح شخصًا لينتقل من هذه الحالة إلى عيش الواقع كما هو؟
كلما كان فهمك صحيح للواقع كلما ستفهم العوائق الحقيقية التي ستواجهك و بالتالي ستجد لها حلا لكي تتقدم و تنجز الكثير
فهم الواقع دون ميولات شخصية أو أوهام سيجعلك تعرف التقدم فيه في الواقع الملموس و ليس في الأحلام
و لكن إحذر ففهم الواقع جيدا سيجعلك تكرهه و تنفر من وحشيته فلا تتعجب من بعض الذين حققوا كل شيء و يقولون أنهم ليسوا سعداء، ففهمهم للواقع على حقيقته جعلهم ينجحون فيه ولكنهم صاروا يكرهونه و بالتالي نقصت سعادتهم...
و المعضلة أنه من شدة تفاهة البعض صار الواقع و الحياة الحقيقية تعتبر بالنسبة له الخطة "ب"
لأن حياة التخيلات و الأوهام التي يتبعونها هي خطتهم "أ" و في حالة ما إذا فشلت فإنهم ينتقلون للخطة "ب" و تقبل الواقع
هذا الشيء الذي نعيشه هو مرحلة متقدمة من مرض الوهم الجماعي و يسمى بالجماعي لأنه يشترك فيه الكثير من الناس لدرجة أن أي مصاب به لا يجد مرجعية و لا مثال غير مريض لكي يقارن نفسه به و يحس أنه مريض أو مخطئ
الوهم الجماعي قد ينجو منه من عاشو ما قبل بدايته أو يعرفون أشخاص كبار من الأجيال السابقة الذين سيظهرون له أنه يعيش حياة صنعت له هكذا و ليس شيئا إجباريا و ليست هي ماكانت عليه الحياة دائما
هذا التفكير هو أولى خطوات التحرر و الخروج من هذا الوهم الجماعي
الشخصيات المثالية هي شخصيات ليست مؤهلة للإنجاز على أرض الواقع .. و هم ناجحون في عالم الأحلام و المثل و يستطيعون أن يبدعوا في تقديم الأفكار و الإلهام .. و لكن وتيرة الإنجاز و التجسيد عندهم ضعيفة .. لأنهم كائنات من نور يستطيعون توليد الإحتمالات و رؤية ما يخفى على الناس العاديين رؤيته ..
التعليقات