كنت وأحد أصدقائي نتحدث عن أوقات الأزمات التي تمر بالناس من اقتصادية واجتماعية وأخلاقية وغيرها. تطرقنا إلى القول المثالي بأن بعض الناس (يحترقون كالشمعة لينيروا الطريق لغيرهم) ورحت اضرب المثل بتولستوي الذي وزع أرضه على الفلاحين الفقراء ولم يترك شيئا لعقبه ومات وهو في الطريق وسقراط الذي دافع عن الحق حتى لا يضل الناس ومات بالسم! ثم عقبت بقولي: فالذي أراه هو أن يكون أحدنا نبيلاً إيثارياً خاصة أوقات الأزمات.

قال صديقي مندفعاً: هذه مقولة فارغة!! فلماذا أحترق أنا من أجل الناس؟!! فليعيشوا في الظلام إذا كان تنويرهم على حساب راحتي ورفاهيتي أنا؟! لماذا تطالبني أن يكون حق الناس علي أولى من حق نفسي أنا علي أنا؟!!

صديقي من النوع الذي لا يؤمن بالمثالية ويراها إما حماقة أو تغفيل! موقف صديقي غريب حقا؛ لأن من عادات الناس أن يثنوا على الأبطال ويرونهم مشاعل الطريق لا أن يصفوهم بالحماقة والغفلة! أعتقد أن تفسير ذلك هو حاجة صديقي ومن لف لفه أن لا يحتقرون أنفسهم أمام عظمة هؤلاء. فماذا يصنعون أم تلك العظمة الثابتة للعظماء الإيثاريين؟ لا شيء سوى الغض من شأن هؤلاء حتى يبرروا موقفهم غير النبيل غير الايثاري!