ومن كوارث السوشيال ميديا أيضا أنها جعلت الجميع علماء وحكماء ونقاد، لا يشق لهم غبار، فأصبح الناس في حيرة، وأصبح من الصعب علينا التفريق بين الحكيم والجاهل الذي يجتر الكلام، وبين المتخصص فعلا وبين شخص مهتم بحسن التعبير ويتقن التلاعب بالكلمات، لذلك أهم سؤال يمكن أن نطرحه الآن هو: كيف نفرق بين من يعطينا الحقيقة ومن ببيع لنا الكلام الجميل؟ أو كيف نفرق بين شخص ناقد وبين متذوق مهتم فقط؟
أهم علامة يمكن أن تجعلنا نعرف الفرق هي نوع الشرح وخطواته، فالناقد يتحدث كمتخصص أو صاحب صنعة، في النهاية الناقد أيضا ما هو إلا متخصص في مجاله، لديه القدرة على شرح العملية التي تحدث في مسألة ويكشف مكامن الخلل التي لا يراها أحد، لأنه يستطيع أن يتتبع عقل المتحدث وأصول الفكرة نفسها، ويستطيع أن يرى الأحوال النفسية وطبيعة العميلة التي قام بها الشخص ويعطيه أين مكمن العلة، بينما المتذوق لا تكون له هذه القدرة أبدا، إذا تم سؤاله عن أين توجد المشكلة في كذا، يقول أنا أشعر أو بحدسي أحس...فهو يميل إلى الشعور فقط ولكنه لا يملك المعرفة الحقيقة حتى لو ادعاها .
توجد مغالطة شائعة نقع فيها جميعا أثناء التفريق بين الشخصين، وهي مغالطة أصول المعاني، فنجد الشخص الذي يتحدث فقط عن اهتمام وذوق يستطيع أن يجد أخطاء في أصول المعاني التي يعرضها شخص آخر فيبدوا لنا وكأنه ناقد ومتخصص حاذق، لكن اكتشاف الأخطاء في المعاني ليست هي ما تظهر الناقد فعلا، حتى وإن كانت واحدة من صفاته، وعلى أي حال نستطيع أن نستفيد آراء من كل من الناقد والمتذوق، شرط أن نعرف القيمة المعرفية والتخصصية لك واحد منهما.
في رأيك هل يكون الناقد دائما أهم وأكثر تمكننا من المتذوق ؟ وماهي طريقتك الخاصة لمعرفة حقيقة الكلام الذي يعرضه عليك أي شخص؟
التعليقات