"إن الثقافة كاللّغة، نظام من العناصر وعلاقات تبادلية بنيوية من حيث النسق والتشكيل"..

هكذا وصف البنيوي الفرنسي ليڤي شتراوس، العلاقات المتداخلة للمنتجات الثقافية فيما بينها، فكل منتج ثقافي هو نتاج مجموعة من الظروف والإيديولوجيات المحيطة بظهوره أو عملية إنتاجة.. وهنا يأتي دور النقد الثقافي Cultural Criticism كونه ممارسة نقدية قائمة بالأساس على كشف وتحليل السياقات الإجتماعية المصاحبة لإنتاج عمل أدبي أو فني ما، وإكتشاف الأسباب ـ السياسية غالباـ التي ساهمت في إنتاج ونشر وتقدير بعض الأعمال دون غيرها..

ولذلك اعتبر الكثيرون ظهور النقد الثقافي جاء كرد فعل على البنيوية اللسانية، والنظرية الجمالية، إذ اقتصرت نظرتهما للأدب على اعتباره ظاهرة لسانية شكلية من جهة، أو ظاهرة فنية وجمالية من جهة أخرى!...

فلو أردنا مثلا، تطبيق النقد الثقافي على رواية "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ، فلن نهتم بحبكتها أو بنائها الأدبي، أو أسلوبها الحواري.. وإنما سنحاول تحليل الظروف التاريخية والسياسية والدينية والإقتصادية التي أحاطت بمؤلف الرواية أثناء كتابتها، والتي ساهمت بشكل أو بآخر في نشر الرواية والترويج لها، أي سيتم تحليل السياقات المتنوعة التي كُتب فيها النص.

فأيهما أكثر فائدة برأيكم، دراسة الأعمال ضمن سياقها الثقافي، أم دراستها بمعزل عن تلك الظروف؟!.. وإلى أي مديمكن أن تتغير نظرتنا لعمل ما؛ بعد معرفة أسباب ودوافع إنتاجه؟