متلازمة العش الفارغ: لا تجعل أبنائك هم محور حياتك

لطالما كانت تلك المعضلة أحد أكبر المشاكل في أغلب العائلات، والتي لطالما أدت للعديد من الصراعات والخصومات بين الأهل. فبينما يرى الآباء أنهم يقومون برعاية أبنائهم على أكمل وجه عن طريق إحاطتهم الدائمة بهم والتدخل في جميع شئون حياتهم والتفرغ التام لهم، إلا أنهم في الواقع يحرمون الأبناء من فرصة اكتساب الخبرات الحياتية والتعامل مع مشاكلهم بأنفسهم مما يساعدهم على تقوية شخصيتهم.

لحل تلك المشكلة، يجب أن يترك الأباء مساحة لأبنائهم كي يستكشفو العالم بأنفسهم، وبالبطبع لا نعني إهمالهم تماما بل يجب أن يكونوا دائما داعمين وموجهين للأبناء لكن الحدود تتغير بتغير المراحل العمرية، فتدخل الأهل في سن مراهقة الابن لا يعقل أن يكون نفس تدخلهم في سن رضاعته، يجب أن ينسحبوا من حياة الابن تدريجيا بتقدم عمره وبيان نضجه.

وعلى الجانب الآخر، إذا فات الأوان وبالفعل تعرض الأهل لتلك المتلازمة والأبناء أصبحو بالغين ولا يحتاجون لتدخل أهلهم بعد الآن، يجب أن يبدأو بنصحهم أن يهتمو بنفسهم واحتياجاتهم وخلق صداقات جديدة أو ممارسة هوايات معينة، وإقناعهم أنهم ليسو مضطرين أن يستمرو في رعاية أبنائئهم والتفرغ لهم لأنهم أصبحو قادرين على تدبر شئونهم بأنفسهم.

أنا ضد فكرة ان تتخلى الأم عن أهتماماتها وأهمال نفسها من أجل الأبناء وايضاً ضد فكرة ان تتركهم بلا أهتمام اي يجب ان تكون هُناك موازنة بين حياتها وحياة ابناءها من جِهة تُعطي ألأهمية لنفسها ومن جِهة أُخرى تجعل اولادها يتعلمون نظام الأعتماد على الذات لا الأتكال..وفِكرة ان الأهل يحتكرون الأبناء ولا يعطونهم خيار التجربة والمُغامرة في الخوض بالتجارب لوحدهم فِكرة سيئة اذاً كيف سيتعلم الأبناء في صقل شخصياتهم حتى وان فشلوا أساس النجاح هو الفشل والخوض في التجارب..

حقا من واجب كل فرد أن يجعل من نفسه محور حياته، يستثمر فيها يقويها يثقفها يغنيها بالتجارب، وهذه ليست دعوة للأنانية والتخلي عن مسؤولياته وواجباته الأخرى اتجاه الأبناء والآباء والأصدقاء، بقدر ما هي دعوة لإحداث التوازن في حياته، وإعطاء كل ذي حق حقه بما فيهم شخصه.

وفي دولنا العربية، غالبا ما يأخذ الأبناء كل الإهتمام من لدن الآباء خاصة الأم بإعاز من المجتمع، وكذلك لطبيعتها. التي تكرس حياتها ووقتها لأنجالها، وقد تضحي بعملها وانشغالاتها، وتقصر عمرها على خدمة أولادها كأنما لم تخلق إلا لذلك، وهذا الاهتمام المبالغ فيه المرضي، ينعكس سلبا على الأبناء أنفسهم، يجعلهم متواكلين أنانيين، وعلى الوالدين أيضا لاسيما الأم فيما بعد، حيث يكبرون ويغادرون البيت وتبقى الوالدة في عطالة ورتابة قاتلتين، لأنها لم تبن حياتها بالموازاة مع اهتمامها بأبنائها وبيتها.

ولكي نجنب آباءنا الوقوع في متلازمة العش الفارغ، يتوجب علينا الاهتمام بهم، والتواصل معهم، وتخصيص الوقت لهم، وملء حياتهم بأنشطة مشتركة رياضية، وقراءة الكتب، وممارسة الهوايات، وغير ذلك مما يفرحهم ويروح عنهم.

أظن أنها مشكلة يتحمّلها الآباء بالدرجة الأولى .. كان عليهم إدراك أن الأبناء لا يمكنهم سوى أن يكونوا مفيدين لأنفسهم و بالطرق التي تناسبهم .. لأن الإبن فيما أعلم لم يمضي على صفقة أنه يجب أن يكون مفيدا لعائلته بالشكل الذي يريدونه هم .. فالإبن له نفس أيضا و له طموحات و رغبات و لكنه يجب عليه أن يحققها بنفسه لا أن يعتمد على بشر آخرين و يأتي بأبناء لكي يستغلهم فيما يكرهون القيام به .. ليس عيبا أن يكون الطفل مفيدا لوالديه فهذا عطاء جميل و لكن حين يتحول إلى واجب و إلزام و إكراه يصبح عطاءا قبيحا .. فالعطاء الصادق يكون عن رغبة حقيقية و عن طيب نفس .. و لكن الكثير من الآباء و الأمهات يفكرون في أنفسهم فقط ولا يأبهون مطلقا بسعادة أبنائهم .. و صفقة التربية لأجل استغلال الأبناء كما يشاؤون هي أكبر دليل على وجود نرجسية مقيتة عند بعض المنجبين للأسف الشديد ..

لذا رأيكم كيف يمكن الموازنة بالاهتمام كأباء، وكيف نتعامل كأبناء مع أبائنا في حال تعرضوا لهذه المتلازمة؟

هذا واقع عشناه في حياتنا مع عائلاتنا، والكثير من العائلات خاصة في مجتمعاتنا العربية، تمنع آبناءها من المغامرة والمخاطرة في دخول مجالات عديدة بدعوى أنهم سيخسرون ولن يجدوا أنفسهم بذلك، أعرف أشخاصا منعوا بناتهم من الدراسة في ولايات بعيدة من مقرّ سكناهم، مع أن الإقامة متوفرة وليست مختلطة، يوجد من منع أبناءه من السفر حتى لولايات قريبة للعمل، بحجة الإبتعاد وما شابه ذلك.

متلازمة العش الفارغ يجب أن تنتهي، من الجيد أن تقدم العائلة نصائحها، لكن لا يجب أن يفرضوا أنفسهم وآراءهم عليهم، فهي حياتهم وهم أحرار فيها، وهذه العشية نحن مقبلون على إعلان نتائج البكالوريا في الجزائر، ولطالما سمعت عن حالات أين العائلة تفرض على أبنائها تخصصات محددة، وهذا أمر خاطئ، وللأسف، نعم، إنه يحدث.

أجد أن المشكلة المتعلّقة بالأهالي والأبناء على حد سواء تمثّل عائقًا كبيرًا في عالمنا العربي بالتحديد، وذلك لأن الرابط العاطفي المميّز لعلاقاتنا في مجتمعاتنا العربية يسبّب الكثير من المشكلات. لا مانع بالتأكيد في أن يكون هذا الرابط موجودًا. لكن في المقابل، يجب أن نرخي الحبال كي تتناسب العلاقات مع عالمنا المعاصر. أنا أجد الأهالي في العصر الحالي يتدخّلون في شؤون بنيهم بطريقة غير مقبولة وغير مناسبة للعصر، وبعد أن يكتشف الأبناء أن حياتهم قد تدمّرت بسبب ذلك، يكرّرون الفعل مع أبنائهم بدلًا من إصلاح الخطأ.

الاهتمام بأطفالنا وتقديم الدعم والمساندة لهم امر لابد منه، ومع الأسف قد نجد العديد من الأباء لا يمارسون مسؤوليتهم اتجاه أبناءهم بشكل كامل، لذلك لا يوجد حل سوى أن يتم العمل على تحسين اتصالاتهم وعدم الانسحاب عند الشعور بالتوتر والإرهاق. وعندما يتعرض الآباء لمتلازمة الاكتئاب، يمكن للأبناء تقديم الدعم النفسي والعاطفي لهم، وإيجاد وقت للتحدث معهم والاستماع لمشاكلهم ومخاوفهم والعكس صحيح.

أتدري ما الشئ الذي تفتقده بعض العائلات لذلك تحدث الكثير من الاضطرابات، عدم توسيع دائرة العائلة والأصدقاء المقربين للحصول على الدعم اللازم، والتحدث مع الأصدقاء والزملاء الذين يعانون من مشكلات مماثلة للتعلم من تجاربهم ومشاركة النصائح والخبرات.

وأفضل شئ ممكن يهتموا به هو تشجيع النشاطات العائلية المشتركة والوقت الممتع معًا، مثل الرحلات والألعاب الخارجية والتجارب الجديدة، لتعزيز الروابط العائلية والتقارب بين الأبوين والأطفال.

بالنسبة للعنوان "لا تجعل أبنائك هم محور حياتك"، يبدو أنه يتناول فكرة هامة وذات قيمة.

ولكن في نفس الوقت أرى أن صياغته بهذا الشكل قد يفهم بشكل سلبي عكس ماأردته أنت لذلك ينبغي أن نلاحظ أن هذا العنوان يجب ألا يفهم بشكل متطرف. فالأبوة والأمومة هي مسؤولية كبيرة ويجب أن يتم تلبيتها والاهتمام بالأبناء بشكل مناسب. يجب أن يكون التوازن بين الاهتمام بالأبناء والاهتمام بالذات واقعيًا ومنطقيًا.

بالنسبة للمضامين المذكورة حول تأثير متلازمة العش الفارغ على الآباء والأمهات، يمكن أن تكون تجربة صعبة ومحبطة عندما يترك الأبناء المنزل ويبدأون في حياتهم الخاصة

و يجب أن نعترف بالتحول الذي يحدث في حياة الآباء والأمهات في هذه المرحلة وأن لهم الحق في التأقلم والتكيف مع الواقع الجديد.

وللتغلب على متلازمة العش الفارغ، ينبغي للآباء والأمهات أن يبدأوا بإعادة اكتشاف هواياتهم واهتماماتهم الشخصية والاجتماعية التي تم تأجيلها أثناء فترة تربية الأطفال. يمكنهم البحث عن أنشطة تساعدهم على الاندماج في المجتمع وبناء علاقات جديدة. كما يمكن أن يستفيدوا من الدعم المتبادل والتفاهم مع أقرانهم الذين يمرون بنفس التحول.

بشكل عام، يجب أن يكون هناك اتزان صحي بالفعل في العلاقة بين الآباء والأمهات وأبنائهم. ينبغي أن يكون لكل فرد الحرية في تحقيق رغباته الشخصية وتحقيق التوازن بين الحياة الأسرية والحياة الشخصية ولكن لا تتوفر عندي رؤيا كاملة عن كيفية إحداث هذا الاتزان لذلك أتطلع إلى معرفة ذلك من خلال النقاشات الي سيقدمها الأساتذة الكرام