"كثيرًا ما تجد بين الجهلاء من تعجبك استقامته وبين العلماء من يدهشك إعوجاجه... فلا تكن ممن يقضون حياتهم أسرى العناوين وعبيد الألقاب"

يدعو مصطفى لطفي المنفلوطي ـ عبر مؤلفه النقدي الأبرز "النظرات" الصادر عام 1907م ـ يدعو لضرورة النظر إلى أفعال الناس وسلوكهم، وليس ألقابهم و مناصبهم..

وعدم المبالغة في تقدير فلسفة الفلاسفة وعلم العلماء، أو النظر إليهم نظرة إعجاب وتقدير مطلقة غير مشروطة؛ فلا يعلو أحد أو شيء على النقد والمراجعة.

وللأسف قد نجد بعض العلماء لا ينتفعون بعلمهم، ولا يطبقون ما عَلِمُوه على أنفسهم وحياتهم الشخصية!

والأولى لطالب العلم، أن يعمل أولا بعلمه ثم يعلمه للناس وينشره بينهم..

ومثال على ذلك، أننا قد نجد بعض الأطباء ينصحون مرضاهم ويصرون عليهم؛ للإبتعاد عن بعض العادات التي تدمر الصحة، وبنفس الوقت نجد هؤلاء الأطباء يمارسون تلك العادات علنا، وبإنتظام... فكيف يقتنع المرضى بنصائح هؤلاء؟!!

ويمكن قياس ذلك على معظم المهن والعلوم، إن لم يكن كلها.

أما فيما يخص اعتدال البعض رغم جهلهم بالمبادئ العلمية، فأعتقد أن مرجعه للتربية والفطرة السليمة، وهما لازمتان لبناء شخصية قويمة تستطيع الإنتفاع بما تتلقاه من علم فيما بعد.

ولذلك، علينا أيضا ألا نُغالي في التقليل من الجهلاء وازدراء العامة والدهماء..

فالمعرفة العلمية لا تغني أبدا عن التربية النفسية والخلقية، كذلك الشخصية القويمة أخلاقيا ونفسيا، تبقى ناقصة دون تدعيمها بالعلم.

شاركوني تجاربكم.. هل صادفتم بحياتكم، شخصًا لا ينتفع بعلمه، أو يعمل به؟.. وهل حقا يمكن لألقاب ومناصب البعض أن تخدعنا؟