في طريق سفري اليوم من المدينة التي أقطن بها إلى مدينة أخرى تقبع على بعد ساعتين ونصف الساعة تقريبًا اضطررت إلى الجلوس في المقعدين بجوار السائق، لأحظى برحلة مفعمة برائحة السجائر بلا انقطاع. ويا للمصادفة! في طريق العودة شاء الله أن تكون السيارة التي جئت بها صباحًا هي التي سأعود بها إلى البيت، وبالطبع نفس السائق، ونفس المقعدين.
خلال هذه الرحلة العجيبة امتلأ صدري براحئة السجائر التي يدخنها السائق بلا انقطاع تقريبًا طوال الرحلة ذهابًا وإيابًا.
وقد سمحت لنفسي باحتساب عدد ما دخنه من سجائر في هذه الخمس ساعات، لأصدم بأن الرقم لا يقل عن عشر سجائر بحالٍ من الأحوال. أي نصف علبة سجائر!
حينها جال بخاطري أمر ما، فهرعت إلى حبيب الملايين ... منصة البحث Google ، وبدأت في السؤال عن سعر السجائر اليوم بالجنيه المصري، لأجد أن أقل علبة لا تقل عن 13 جنيهًا في شهر أكتوبر الماضي، وأثمن علبة يصل سعرها إلى 30 جنيهًا.
وبما أن العلبة تحوي على 20 حبة دخان فإننا بحسبة بسيطة سنُدك أن من يدخن السجائر صاحبة السعر الأدنى يُنفق في عشر سنوات ما يُعادل 75 ألف جنيه - على السجائر فقط -. في حين أن ذاك الثري الذي لا يقبل سوى بالسجائر الثمينة ينفق خلال عشر سنوات ما يُعادل تقريبًا 180 ألف جنيه.
هذه الأرقام المهولة تُدفع في سبيل شيء يُمكن العيش بدونه، لن يموت المحروم منه، أو يشعر بالحزن أو المرض، بل على العكس تمامًا سيحافظ على صحته وسلامته وسلامة من يحيطون به من قريب أو بعيد. وقبل هذا أو ذاك سيزيل من على عاتقه عبء ضخم يزيد من فقره ربما أو عدم قدرته على الوصول إلى الحرية المالية.
وهنا أتساءل بحق ...
هل هؤلاء الأشخاص يدركون هذه الأرقام بحق ويتجاهلونها؟ أم أنهم على جهل بالأمر وفي حاجة لمن ينبهم إلى هذه النقطة الخطيرة الفارقة على عدة مستويات إن هم أقدموا عليها؟
التعليقات