أيُّ وظيفة مُرهقة يملكها ذلك المخرج للتلفزيون الصيني الناقل لمباريات كأس العالم؟! على هذا المخرج المسكين أن يكون يقظًا طوال الـ 90 دقيقة (مع الأوقات الإضافية المطوَّلة) ويبدِّل اللقطات بعد كل بضع ثواني، يغيِّر زاوية التصوير في وقت قليل متاح.

هذا الإجراء تفرضه الحكومة الصينية على مباريات مونديال قطر، تتحكَّم بالبث المباشر، علمًا أنَّ حقوق النقل التلفزيوني تعطي للقنوات إمكانية اختيار زاوية التصوير المناسبة للنقل من عدّة زوايا تصوير، وتمكنّهم أيضًا من تأخير البث لثواني معدودات.

السبب في ذلك يعود إلى اجراءات كورونا الصارمة التي تفرضها الحكومة الصينية على الشعب الصيني، فهي تمنعهم من رؤية المباريات في المقاهي والتجمّعات، وتحدّد الكثير من اجراءات السلامة لمنع انتشار الفايروس.

لقطات الجماهير بالألوف المؤلَّفة في مونديال قطر، من غير قناع أو كمامة، جعل الحكومة الصينية في حرج من شعبها، حتّى لقد خرجت بعض المظاهرات في المدن الصينية ضد سياسات الرئيس الصيني المتسلِّطة.

الأمر بدأ عندما شاهد الصينيون حفل الافتتاح في قطر، لا اجراءات تباعد، لا كمامات، مع عشرات الآلاف من الأشخاص يعيشون حياتهم بصورة طبيعية. لماذا نحن فقط؟ العالم كلّه يعيش بصورة طبيعية.

من بعد ذلك، بدأت الحكومة بتقليل ظهور الجماهير في البث المباشر، وانتشرت لقطات على تويتر توضّح ما يحصل في المباراة التي نراها، والمباراة التي يراها المشاهد الصيني. حينما تكون اللقطة على الجمهور لدينا، المشاهد الصيني يشاهد صورة لدكّة بدلاء الفريق المنافس أو مدرِّبه.

بالطبع ليس بالإمكان حجب جميع لقطات الجماهير، فعند الأهداف مثلًا، يذهب اللاعب ويحتفل أمام الجمهور، وهذا صعب الحجب، لكنّ الهدف الرئيسي تقليل اللقطات التي تظهر للجماهير من دون كمامات.

هل يصمد الحجب التلفزيوني بطرائقه التقليدية أمام عصر التواصل الرقمي السريع؟