نمر بالكثير من المواقف التي نحتاج فيها أن نصبر. ربما لمراقبة اللبن قبل أن يفور وربما لانتظار خطوات الحياة الكبرى. ولا يخفى علينا أن الصبر أمر صعب ومرهق ولكن أعتقد أ الجزء الذي يجعله مرهقًا أكثر هو احتواءه على الفراغ. حيث نترك كل شيء أخر ونركز فقط في صبرنا ذاك. 

ومؤخرًا وبين قراءاتي لدكتور أحمد خالد توفيق قرأت مقولتان له إحداهما تقول إن أهم طريقة لتجنب التعاسة هي ألا يكون لديك وقت فراغ والأخرى تقول إنه للإقلاع عن إدمان أي شيء فعليك أن تقتل الفراغ الذي يسببه فقدانه فإن قتلت الفراغ انتصرت. 

في حياتنا كثير من لحظات الصبر والانتظار. وعندما نسمع أنه يجب علينا أن نصبر فنحن نحاول الجلد والانتظار يشغل تفكيرنا كله فنشعر أن الأمر قد طال ولكن كما المثل الأجنبي فالإناء المراقب لا يغلي أبدًا ووقت الانتظار يمر بداخلنا دهورًا ودهورًا فالشيء الذي ننتظره يأخذ وقتًا أطول بكثير في أذهاننا من وقته الحقيقي. ويجعلنا نعاني في انتظارنا وربما نتهم لعدم الصبر بينما الحقيقة أن الزمن يتوقف في اللحظة التي نتفرغ فيها لننتظر. 

ولذلك فيقال أيضًا أن "الصبر هو فن العثور على شيء آخر تقوم به" لكن ليس مجرد التحمل والانتظار ومراقبة الوقت الذي عرفنا عليه الصبر من قبل هو تعريف خاطئ يؤذينا أكثر مما يساعدنا. 

ومن ناحية أخرى يقول البعض أن وقت الفراغ مهم بأهمية أوقات انشغالنا فهو ما يجعلنا نشحن طاقتنا من جديد ونعاود النهوض. وأحيانًا لا يتوجب أن يكون لدينا شيء نفعله فيكفي أن تكون هناك الراحة والصمت. 

بل ويقول آخرون أيضًا أنه في بعض المواقف احترامنا للانتظار يقضي بأن نوقف كل حياتنا وننتظره. فمثلًا هل يعذبك انتظار أحبتك خارج غرفة العمليات؟ وهل من النبل أن نشغل أنفسنا بأي شيء أخر في هذا الوقت أم من الأفضل أن يعذبنا الانتظار لكيلا نفوت أي لحظة فارقة؟

الأمر ضبابي قليلًا بالنسبة لي فمن ناحية أحب الفراغ ومن الناحية الأخرى أمقته. وأكره الصبر رغم أنه يهذب الإنسان وأشعر أنني بالتجاهل أو الانشغال عنه إنما أخدع نفسي وأنا في الحقيقة لا أصبر. كأن الصبر حفر في عقولنا أنه يجب أن يكون مؤذيًا ومؤلمًا لنا! 

 وإذن بعد ذلك أتعتقدون أن وقت الفراغ مهم لنا أم هو عدو يجب التخلص منه؟ وكيف تمارسون الصبر؟