إن الفنون عمومًا فيها نوع من التجلي المهيب، والذي ينفد إلى عقل وروح الرائي أو المستمع أو القارئ، فيصل لأعماقه، ويعبر عن الوجود بكل تفاصيله أجمل تعبير، والفن يظل يعبر عن أكثر المآسي تراجيدية، تعبيرًا جميلًا، ولكن ماذا لو قرر الفنانون أن يعبروا عن المآسي كما هي دون تجميل؟؟

الحركة الدادائية أو the dada movement هي حركة ثقافية نشأت في سويسرا بسبب رفضها للحرب العالمية الأولى وعبثيتها، و الدموية التي حصلت فيها، فكانت فكرتها أن الفن الذي يعبر عن الجمال، عليه أن يكون واقعيًا ويحاكي بشاعة الواقع، فقد قرر الدادائيون أن يحاربوا بشاعة الحرب بالفن ويظهروها، بكل بشاعتها وعبثيتها، وأحد أشهر روادها هو مارسيل دو شامب النحات ولاعب الشطرنج والرسام الفرنسي، وكان يعتقد أن الفن عليه أن يعبر عن أفكار هدامة، فقام بوضع شاربين للوحة الموناليزا وأسماها L. H. O. O. Q وذلك في تعبير ساخر عن اللوحة الشهيرة، والذي لاقى أصداءه آن ذاك بشكل كبير.

من الجدير بالذكر أن الكثير من الفنانين الدادائيين انشقوا عن الحركة في النهاية، لعبثيتها ومحاربتها لعلم الجمال بالعموم، كما انبثقت عن الدادائية السيريالية Surrealism التي أطلقت العنان للمخيلة البشرية وغزت العالم أجمع بلوحاتها الغريبة والجميلة، والسؤال هنا هل يُعنى الفن بالجمال، ولذا يمكن القول أن الدادائية فشلت لأنها حاربت هذا الأمر، أم أن على الفن أن يحاكي الواقع بكل بشاعته دون تجميل ؟؟