لا يمكننا القول أن العصر الذي نعيش فيه هو عصر سهل، بل إنه يتسم بالصعوبة، ففي ظل كل المظاهر التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي ظل سعي الإنسان الدائم لتحصيل النجاح وتحقيق الأهداف، يعتقد أن الظاهر على مواقع التواصل الاجتماعي هو ما يمثل الواقع، وأنه الشخص الوحيد في هذا الكوكب الذي يعاني، ويأتي مع هذا الشعور المحبط الخمول الذي يوقف الإنسان عن العمل، وتأتي معه روح التذمر والتأفف مما يعني.

في وقت سابق من حياتي كنت أشعر أن حياتي متوقفة، وفكري مشلول، وكنت أشعر دائمًا أنني مهما فعلت لن أستطيع أن أحسن من حالي، ولن أتمكن من تجاوز إيذاء الآخرين الذي تعرضت له، وفي الحقيقة كان كل شيء يسير من حولي بينما أنا واقفة وأرتدي الوجه التعيس، وألوح للجميع بينما هم يجتازونني، ويتقدمون، وحين مللت من التذمر والإحباط الذي كنت أحيط نفسي به، نظرت حولي وحاولت تحديد سبب التعاسة التي أعاني منها، وقد تبينت أنني أحطت نفسي بأشخاص متذمرين، لا يشعرون بالرضا أبدًا عما لديهم، وفي نفس الوقت لا يعملون على تحسينه، ولذا فقررت ودون أن أبرر لأحد أن أحتث هؤلاء الأشخاص من حياتي، وكذا فعلت، ورغم الضغط النفسي الذي تعرضت له، إلا أنني لم أحتمل فكرة تدمير حياتي بوجودهم فيها مقابل أنهم حزانى لابتعادي عنهم، لقد اخترت نفسي.

في ذلك الوقت كنت طالبة جامعية، بدأت بالدراسة الجادة وبدأت علاماتي ترتفع ولاحظ المدرسين أن أدائي قد تحسن، وكذلك درجاتي وهذا الأمر الذي كانوا دائمًا ما يخبرونني أنه مستحيل، بدأت أظهر قدراتي، وتعرفت على كثير من الأصدقاء الجدد الذين لا يزالون أصدقائي بعد مرور السنوات، واشتركت في عدة نشاطات، وبدأت بالاهتمام بشكلي، وذلك كله خلق نسخة جميلة ومثقفة ومجتهدة مني، كما أنني نجحت في تجاوز بعض الصدمات والأشخاص، وهو ما منحني الثقة والقوة، ورغم محاولات أصدقائي القدامى بالعودة والصلح إلا أنني رفضت أن أتخلى عما أنجزته بعيدًا عنهم وقمت باستغلال الوقت الذي كنت أقضيه سابقًا في التذمر والبكاء وحسد الآخرين على إنجازاتهم، إلى توجيهه لإنجازاتي الخاصة على صعيد الدراسة والعلاقات الصحية والتميز.

أخبروني هل مررتم بتجربة مشابهة؟ وهل تعتقدون أن التذمر يمكن أن يساعد في شيء أم أنه يزيد الطين بلة كما يقال؟