من الخرافات المزعجة حقا والتي توجه حياتنا بشكل كبير، فكرة الوقت، والتي ترتب عنها بعض الأفكار المشوهة التي ما تلبث أن تتسلسل وتتوالد عن بعضها في كل مرة، فمقولة الوقت من ذهب، والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، هي مقولات فارغة فعليا، بل ولا أبالغ إذا قلت أنها مقولات خطيرة ومشوهة للمعنى الحقيقي للوقت، وهي مقولات كفيلة بأغلاق عقولنا وصرفها عن التفكير الجدي في الموضوع، ولا غرابة أن نجد كل الفاشلين ومن لا يعرفون معنى الوقت هم اكثر الناس حفظا لها...اذن اين المشكلة في هذه المقولات؟
في الحقيقة المشكلة ليست في العبارة ذاتها، وإنما في الأساس المعرفي والمعنوي الذي تنطلق منه هذه العبارات، فهي تفصل بشكل غير مؤسس بين الشخص والوقت، وكأن كل البشر هم داخل الوقت أي داخل الزمن، وهي نظريا فكرة صحيحة، لكنها عمليا خاطئة تماما، فالوقت هو حياتي وحياتنا جميعا، أي انه مساوي للوجود والحياة، وليس خارج حياتنا، وهو ليس مكافئة لنا او شيء يمكن أن نساوم به او عليه، فإذا قلنا الوقت ذهب، فحن نسوم الوقت بقيمة جيدة والتي هي الذهب، ولكن الوقت في الحقيقة لا قيمة له، فهو أساس كل القيم فهو الحياة، وكذلك الوقت ليس مجالا للسباق والمنافسة، بل هو مجال للحياة.
لذلك سنجد الناس ينقسمون على اثر هذه الأفكار الى قسمين: قسم يريد ان يعيش حياة عادية دون جهد او سباق، فيخترع مسميات جديدة مثل الوقت بدل الضائع و الموقت المؤجل والوقت الميت...الخ، وقسم يريد أن ينجح ويري ان السبيل الى ذلك هو مصارعة الوقت، فنشأت أفكار من قبيل، الموقت يساوي المال، عدم وجود وقت..الخ وما يترتب عنه من مشاكل اجتماعية مثل الانعزال والكأبة والتضحية غير المحمودة.
لكن الأشخاص الناجحون فعليا ينظرون للوقت باعتدال فهو ليس شيء ينافس ولا ذهب يقتنص، بل هو الحياة، والوقت الذي يمضي هو حياتنا، ولا توجد أوقات بدل ضائعة في الحياة فما يمضي لا يعوض، وهذا ما يجعلهم يحرصون على الوقت، مع تقدير الأشياء الثمينة الأخرى ، مثل العائلة والأصدقاء، الراحة النفسية، العمل، فيكون لهم عكس الناس العاديون، وقت جيد للعمل والاستمتاع بالحياة عكس الفاشلين اللذين ليس لذيهم وقت دائما والسيوف تقطعهم.
ما رأيك في الوقت؟ وماهي العبارة التي يمكن أن تصفه بدقة؟ واذا كنت تعتقد ان الوقت من ذهب فما تفسيرك له؟ هل تؤمن بوجود وقت ميت ووقت حي؟
التعليقات