قرأتُ دراسة مفادها أنَّ الناس يتذكّرون المكتوب بخطّ صغير وصعب القراءة أكثر من خطٍ كبير ومريح للعينين. 

أجروا الدراسة على 28 طالبًا، وأعطوهم نصوصًا ليتذكّروها، أحد النصوص كان بخطّ صعب القراءة حجمه 12 وآخر سهل لا جهد في قراءته وحجمه 16، وبعدها أعطوهم استراحة حاولوا فيها تشتيتهم عمّا حفظوه، ثمَّ اختبروهم فوجدوا إنَّ الذين قرأوا النصّ بخطِّ صغير قد تذكّروا المعلومات بنسبة 87% أكثر ممّن قرأوا الخط الكبير 73%

نتائج الدراسة قد لا تبدو غريبة، فنحن نعرف أنَّ ما يُجبرك على التركيز أكثر يجعلك تحفظ وتستدعي من المادة أكثر. 

هل يعني ذلك أنّ وضع المطبات في عملية التعليم تجعلها أكفأ؟ ربما، لكنَّ الأمر أكثر تعقيدًا، عندما ترى نصًا واضحًا، تمر على سطوره بسرعة، لكن لو رأيت نصًا صعب القراءة، فستتوقّف عدّة مرّات قبل أن تفهم، هذا سيقلّل من ثقتك، يزيد من التوتّر ويساعدك على التركيز. 

إذا قرأنا كلَّ النصوص بحجم صغير، وخط معقّد، ألن نتعلم على هذا؟ ألن يصبح الأمر أسهل بمرور الوقت، وكلّ الذي نحصل عليه هو صداع للرأس وأعياء للعيون؟

يقول كاتب الدراسة أنّنا فعلًا قد نتعوّد، لكن ليس ضرورة أن نصل لهذه المرحلة، نستطيع أن نستفيد من فائدة هذا التأثير في المواد التي نريد اتقانها، فنغيِّر مثلًا ببعض البرامج نوع الخط في كلّ فصل جديد، ونغيّره في الفصل الذي بعده قبل أن نتعوّد عليه.

أعتقد هذه الطريقة تفيد من يدرسون باللغة الانجليزية أو لغات أجنبية أخرى، فبرامج اكتشاف الخط وتغييره قد لا تعمل بصورة جيّدة على النصّ المكتوب باللغة العربية. 

هل ينطبق نفس الأمر على مشاهدة الفيديوات بجودة قليلة؟ يقول الكاتب أنّه لا توجد دراسات على هذا الموضوع، لكن وجود ضبابية قليلة في فيديو، ودقّة غير تامّة، ستجبرك على التركيز أكثر، بنفس الطريقة التي تُركّز فيها على الخطّ الصغير. 

طُرح تساؤل على الكاتب، هل سينفع الأمر في التسويق؟ هل سيجعلنا الخط الصغير نركّز في دعاية، ويدفعنا إلى تذكّرها وشراء منتجاتها أكثر؟

جواب الكاتب كان حذرًا، فإذا رأيت خطًا صغيرًا بخصوص منتج ما، فقد يبعث هذا في عقلك اشارات تُوحي بأنّ صُنّاع المُنتج غير واثقين من أنفسهم، ويُشعرك الأمر كما لو أنّك تُخاطر، لكن في بعض الأحيان يُمكن أن يحفّز هذا الخط الصغير شعور النُدرة، ويُشعرك كما لو أنّك تقتني شيئًا ثمينًا.

يُمكن أن يستفاد من نتائج هذه الدراسة الأساتذة أيضًا، فقد لا يكون خطّ الباور بوينت الواضح هو الحلّ الأفضل حتّى يتذكّر الطلاب مادته، بالنسبة لي أتذكّر أنّي حفظتُ في المدرسة ملخّصات بخطٍّ اليد بشكل أفضل ممّا أحفظه الآن مع الملفات الألكترونية الواضحة.