هل نتربى على الإنصياع خلف القطيع ومن يخالف نراه دائما بالسوء، فالبعض يخالف ليُعرف فقط اتباعاً لنظرية خالف تعرف، والبعض الآخر يخالف عن قناعة فعلا، فنجد في هذه الحالة الكثير يهاجمونه لمجرد مخالفتهم ويحملون رايات التنديد ويصل الأمر أحياناً لنبذه عنهم بالطبع، أتكلم هنا عن تصرف غير مخالف للدين لكن ربما يكون مخالف لقيم المجتمع أو للعقل الجمعي فما هو العقل الجمعي وماذا يعني؟

 العقل الجمعي ظاهرة نفسية تفترض فيها الجماهير أن تصرفات الجماعة في حالة معينة تعكس تصرفاً صحيحاً، ويتجلى هذا التأثير عندما تفقد الجماهير القدرة على تحديد ما هو المناسب في موقف معين، فاتباع الجماعة سيكون أسلم حل، وهو الصحيح بالتأكيد وهنا يحدث انصياع كامل لرأي الجماعة بل ويتولى البعض أحيانا راية الدفاع والتأييد بكل قناعة ونفسه مطمئنة ومرتاح البال والبعض الآخر يحمل راية الهجوم والنقض والنبذ لمن خالف القطيع وفي قرارة نفسه يقوم بذلك لمجرد ألا يتميز أحد عنه فنكون كلنا سواسية أو لأن المخالفة فيها إضرار بمصالحه الشخصية.

مثلا في مجتمع تتزوج فيه البنت عند عمر 18 سنة ويسلك الجميع ذلك عن اقتناع وترحيب وفجأة يظهر أحد الآباء الذي يقرر ألا تتزوج بناته وتكملن تعليمهن للوصول لقدر معين يراه مناسب ستجده بالطبع منبوذا في وسط مجتمعه لأنه خالف فمن يظن نفسه.

وللأسف يتجلى هذا أحياناً في أمور مخالفة للدين لكن الكل اجتمع عليها فلا بأس باتباع القطيع ونتناسى أمر الدين تماما مثل الثأر في صعيد مصر مخالف للقانون والدين فأنت تعيش في دولة وسيادة القانون هي الحاكمةفي هذا الأمر، وهي من تنفذ الأحكام ولكن من يتراجع عن الثأر سيُنبذ ويُسب ويتهم بأبشع التهم لمجرد مخالفته بغض النظر عن أي شيء آخر.

الخلاصة ليس الإجماع على أمر ما بالضرورة صحيح وليس الخروج دائما أيضا صحيح، فلا أؤمن بقيم تخالف الدين لمجرد أنها السائدة ويجب إحكام العقل قليلاً.

من تجاربكم هل سبق أن اتبعت القطيع منصاعاً لمجرد أن ترفع عن نفسك الحرج ؟ أو خالفت وواجهت الرفض المجتمعي من حولك وماذا فعلت؟