مؤخرًا، لفتت انتباهي مقولة للطبيب و الكاتب الروسي أنطون تشيخوف عندما قال:" كلما زادت ثقافة المرء زاد بؤسه وشقاؤه"، فتوقفت عندها برهة من الزمن، وأنا أفكر، وقد خالط شكي بها، تصديقي!

فإذا نظرت بعين فاحصة للمقولة، أرى أن ثقافة المرء حين تزيد، فإنه يرى الواقع من حوله، فهو يرى الجاهل، ويتعذب في محاورته، ويجد أنه أصبح أفضل منهم، ويصعب عليه مجادلتهم، وثقافته الواسعة تكشف له زيف وأكاذيب الآخرين، وقد ازداد طموحه لأن يرفع المجتمع من وحل الجهل، فيتصادم مع الواقع، وييأس من تغييره.

المثقف يرى نفسه غريبا في وسط عامة الناس، فيزداد شقاؤه، لأن تفكيره مختلف، ولا يعجبهم، ولأن نظرة الأشخاص الأقل وعيًا وثقافة منه، مختلفة عن رؤيته، فلا يسره الحديث، وتتعبه هذه الاختلافات.

ولا يخفي عيلنا أنّ المثقف يرغب في الوصول الى المثالية عن طريق القراءة والفكر، ولا يستطيع أن يطبق هذه المثالية على نفسه، فضلاً على أن يوصلها لغيره.

وربما مثقف آخر أدرك حقائق الأمور، وعرف قيمة الأشياء، وأنه مهما تعلم، هناك الأكثر علما وحظا منه، فزاد ذلك في شقاءه وحزنه.

أما تكذيبي لهذه المقولة، فأرى أن ثقافة المرء تجعله يتفائل أكثر، ويكتشف جمال الحياة، ويتسع معه الأفق، ويستنير بنور العلم، ويقوى بثقافته، وبهذا يكون سعيدًا منبعثًا لتعلم المزيد والمزيد.

وكلما زاد علمه وثقافته، زاد احترامه للناس، فلا يتطاول، ويرتقي.. فهو بهذا سعيد لا شقي.

ما رأيك أنت؟ هل مع المقولة أم ضدها؟ وهل حقًا من الممكن أن تكون الثقافة سبيلا لشقاء صاحبها؟!