خلال دورة الألعاب الأولمبية التي انعقدت قبل أيام، شاهدنا عروضا رائعة من الفائزين بالميداليات الذهبية. وأعتقد أن بعضا منكم قد لاحظ مثلي بأن هناك صفة أساسية مشتركة بين جميع الفائزين، وهي صفة الصلابة الذهنية. 

وكشخص مهتم بتطور الذات والتعلم من النماذج الناجحة قررت البحث في أسرار الصلابة الذهنية عند الرياضيين والنظر فيما إذا كانت هناك تمارين أو استراتيجيات خاصة تساعدهم على الوصول إلى تلك المستويات العالية من الصلابة الذهنية.

وفي النهاية وجدت العديد من المعلومات المثيرة، بعضها صادر عن مجلة العلوم الرياضية المختصة في دراسة أداء الرياضيين وكيفية تطويره. 

وحتى لا أطيل كثيرا، فإن نتيجة البحث كانت أنّ الأبطال الأولمبيين يستطيعون الوصول إلى مستويات عالية من الصلابة الذهنية بفضل امتلاكهم لثقة عالية في النفس، ولقدرتهم على عدم الانجراف خلف الانحرافات، والتحكم في مستوى الإثارة، وتحقيق الكمال بمفهومه الصحي، والقدرة على الأداء تحت الضغط، وكذلك إدارة الألم الجسدي والعاطفي.

وكل ما سبق من مهارات يمكن التدريب عليه وفقا لعلم النفس الرياضي، لكن باعتماد استراتيجيات تدريب مختلفة من رياضي إلى آخر، وفقا للمجالات الرئيسية في رياضته واحتياجاته الفردية التي يتم تحديدها من خلال اختبار نقاط القوة والضعف.

وفي حين أنّ استراتيجيات كل رياضي ستختلف في بعض التفاصيل إلاّ أنها مازالت تملك نقاط أساسية مشتركة أهمها تحديد أهداف الأداء المتعلقة بالمرجعية الشخصية، وتحديد أهداف العملية التي تركز على الطريقة التقنية من أجل الفوز.

ثم يأتي الحديث الذاتي، والمقصود به إجراء الرياضي لحوار داخلي ايجابي مع نفسه، وتفيد هذه الحركة في زيادة تركيزه على ما يريد تنفيذه.

وبعد الحديث الذاتي وتحديد الأهداف تأتي مهارة التصور، والتي تعتبر واحدة من أصعب المهارات للتعلم، يمارسها الرياضي بتصوره لما سيحدث أثناء المنافسة الحقيقية من خلال تخيل عدة سيناريوهات ناجحة وفاشلة، ويحدد حتى الطريقة التي سيتصرف بها مع كل سيناريو. وبفضل الاستعداد الجيد لجميع السيناريوهات الممكنة يتمكن الرياضي من تقليل الضغط والشعور براحة أكبر عندما يحين الوقت الفعلي للمنافسة.

وآخر سر للرياضيين الأولمبيين هو التحكم في مستوى الإثارة، مع العلم أنه يختلف من رياضي إلى آخر، فيكون عند بعض الرياضيين مرتفعا بحاجة إلى تخفيض ويكون عند البعض الآخر منخفضا بحاجة إلى رفع. 

ومن أجل تعديل مستويات الاثارة يقوم الرياضيون أصحاب مستويات الإثارة المرتفعة بأخذ نفس عميق من الحجاب الحاجز و يقومون بالانخراط في الحديث ذاتي حتى يصبحوا أكثر هدوءا. أما أصحاب مستوى الإثارة المنخفض فيعتمدون الاستماع إلى الموسيقى من أجل زيادة الحماس.

هل تملكون صلابة ذهنية عالية؟

كيف تعملون على تطوير صلابتكم الذهنية؟