أحكام مطلقة تلتصق بكل شخص بنا لمجرد ترتيبه بين أفراد أسرته، من منا لا يجد في ذاكرته مشهدا لإحدى كبراء السن وهو يسأله بكل دهاء وذكاء: هل أنت أكبر إخوتك؟

أو في سيناريو آخر قد يكون السؤال: ممم هل أنت آخر العنقود؟ - مع التواء الشفة لأسفل - ولا يخفى عنا ما يحمله كل سؤال من أحكام وأحكام، واستنباطات حول شخصية كل فرد منا، لكن هل يختلف الطفل الأول عن الطفل الثاني عن الطفل الثالث فعلا، أم أنها مجرد هراءات؟!

أنت الأذكى.. أنت الأخف ظلا بين إخوتك.. أنت يُعتمد عليك عن بقية إخواتك...إلخ.

رغم أن هذه الصفات كُلها ليست إلا مجرد صفات طبيعية جدا، نتحلى بها جميعا، لكن يبدو الأمر غريبا عندما يتم الربط بينهم وبين كونك الأخ الأكبر، أو الأصغر.. وعلى الرغم من غرابته إلا أنه شائع للغاية، بل ومقبول لنا الحكم والتصرف على أساسه مع الأشخاص والأفراد.

حتى أنا انتبهت لنفسي أكثر من مرة، وأنا اسأل أشخاصا في منتصف نقاشنا حول مسألة ما، أو عند ملاحظة تصرفات وسلوكيات معينة صادرة منهم عن ترتيبهم بين الأخوة، اسألهم: هل أنت أصغر إخوتك؟

ولا أخفي عنكم لذة الانتصار حينما يأتيني الجواب: نعم، لكن كيف عرفتِ ذلك!

بعيدا عن الهراءات

نعم، وُجدت دراسة بالفعل عن الأمر، تثبت أن الطفل الأول يمتلك معدل ذكاء أعلى بنقطة واحدة - أو نقطة ونصف تبعا لأبحاث أخرى - ، بل وسمات شخصية تختلف عن الطفل المولود بعده في التسلسل العائلي.

الأبن الأكبر: أكثر انفتاحا وتقبلا لتحمل المسئولية، بل ولخبرته الطويلة في فرض سيطرة على إخوته الأصغر، تكون فرصته أكبر لأن يصبح قائدا.

الأبن الأصغر: هو الأقل في تحمل المسئولية، محب للترفيه كما أنه أكثر قدرة على المجازفة!

الأبن الوسطي: عادة ما يتفق مع الأخ الأكبر في أشياء كثيرة، لكنه أكثر مرونة في الغالب ولديه قدرة أكبر على التفاوض.

" النتائج كُلها تؤكد وجود اختلافات بين الطفل الأكبر، الوسطي، والأصغر، لكن لم تنفك هذه الدراسات أن توضح أن هذه الاختلافات تكون بنسب ضئيلة للغاية ".

عن نفسي، فأنا قد حظيت بمكانة الأبن الأكبر في أسرتي، والحقيقة أنني دائما ما لمست اختلافات واضحة في ردود أفعالي على المواقف مقارنة بإخوتي الأصغر، والملاحظة نفسها إذا ما قارنت سلوك أصدقائي الأكبر بإخوانهم الأصغر سنا.

وبصفتي الأبن الأكبر، فلطالما حصدت مزايا هذه المكانة - قد يبدو الأمر مخالفا للشائع - ، لكنني لا أتذمر أبدا من كوني الكبرى، بل أجد متعة كبيرة في ذلك، لكن ماذا عنك، هل أنت الأبن الأكبر أم الأصغر أم الوسطي، وكيف تجد تأثير الأمر على شخصيتك وحياتك؟