نحن الآن نعاصر واحدة من أكسل وأسوأ العصور في التاريخ الفكري للبشرية، فنحن نرى الآن أمام أعيننا فُشو الملهيات والأمور التافهة فأصبح الجميع حريص على أن يصور وينشر ويفضح نفسه أمام الملأ ويبين كم هو شخص ماديٌ وضيع وهذا من جهة، وهناك من جهة أخرى وسائل أصبحت تغذي هذا الشخص المادي التافه ألا وهي وسائل الإعلام فهذه الوسائل في عصرنا الحالي أصبحت مجرد جهات مصدرة لأراء معلبة تكون في باطنها أراء مادية تحث على التفاهة وإهانة العقل البشري الذي كان هو الفاصل بيننا وبين الحيوانات وهذا هو حال أغلب وسائل الإعلام، وأما وسائل التواصل الاجتماعي فحدث ولا حرج فأصبح روادها مصانع موردة للتفاهة العامة والغباء الشعبي، فأصبح العوام في وقتنا الحالي يشغلون أوقاتهم ويملؤون الطرقات من أجل أن يملؤوا بطونهم ويفرغوا عقولهم في غياهب هذه الموجة الكاسحة من التفاهة، وعندما ترى شخص متعلم تعليم جيد وتراه ينقاد وراء أي شخص يوجهه وإن كان هذا التوجيه خاطئ فهذا سوف يؤدي إلى تكوين وجهة نظر عامة للمجتمع تبدأ من هذا الشخص ومن دونه ومن على شاكلته وسوف يصبحون هم متصدري المشهد العام وسوف تعم التفاهة والوضاعة بين أوساط هذا المجتمع وتنغرس مبادئ المادية والتفاهة في نفوس هذا المجتمع، ولذلك يا رفيقي القارئ يجب عليك أن تنمي معرفتك بكل الوسائل المتوفرة بين يديك وأن تشغل وقتك بما يفيدك ويطورك كشخص ويساهم في تطوير مجتمعك وإذا بدأت أنت بنفسك وأثرت بمن حولك فسوف تكون تكون هناك موجة جديدة تساهم في إثرائك كشخص وإثراء العالم من حولك، وفي النهاية كن دائماً وأبدًا شخص يبحث عن المجد وعن التميز، وأختم كلامي بمقولة الوزير والسفير والأديب الراحل غازي القصيبي عندما قال "فالمجد للساعين لا للخاملين القُنّع".
غزو المادية والتفاهة
أصبح الكل مصرا على إثباث أنه الأفضل ، أنه المتميز. و من أبشع الأماكن التي قد ترى فيها السباق نحو التميز(المزعوم) هي مواقع التواصل الاجتماعية.
شراء ملابس جديدة)متوافقة مع اخر صيحات الموضة) و ان كانت الحاجة اليها غير ضرورية.
شراء هاتف جديد فقط لانه لم يعد شائعا و معروفا.
الذهاب إلى المطاعم و صرف مال زهيد و أكل أبشع المأكولات فيها فقط للتعبير عن الرقي.
لقد نسينا انفسنا، لم نعد نعرف من نحن، لقد اصبحنا الات او منتجات او بالاحرى عبيد عند الشركات الراسمالية الجشعة(شركات ملابس، مطاعم، اجهزة...)
لقد نسينا ان الملابس صنعت لتغطي اجسدنا و عوراتنا و تحمينا من البرد القارص و الحرارة المفرطة.
لقد نسينا ان الاكل لامداد اجسامنا بالطاقة و البقاء على قيد الحياة.
لقد نسينا ان الهواتف للتواصل و التقاط الصور و ليست مظهرا من مظاهر التفوق و الامتياز.
لقد نسينا ان السيارة وسيلة تنقل لا غير و ليست وسيلة للتباهي و التفاخر.
كل هذا كان بسبب مناهج العار التي درسناها منذ نعومة اظافرنا، و تحكم الاعلام فينا(متمثلا في الرسوم المتحركة و البرامج التلفزيونية و الافلام...)منذ بياض فطرتنا، و استغلتنا الشركات الرأسمالية لينتهى بنا المطاف تائهين وسط عالم مخادع مليء باقبح امراض القلوب كالتكبر و الغرور و الاستعلاء و الظلم...
انها الداروينية الاجتماعية لكن بطريقة متحضرة عن حقبتها السابقة.
(متمثلا في الرسوم المتحركة و البرامج التلفزيونية و الافلام...)منذ بياض فطرتنا
ألا تعتقد أن البرامج التلفزيونية القديمة وحتى الصور المتحركة أنشأت جيلاً أصيلاً لديه مبادئ وقيّم ورغم مغريات التكنولوجيا إلا أنه ما زال متماسكاً قارئاً وعارفاً بأحلامه.
ربما البرامج اليوم هي حقاً انتاجية فقط وبها الكثير من العشوائية والحماقة في طرح الأفكار والقضايا وهي ما تنتج جيلاً تقريباً بطابعٍ أقل جدية أو أخذاً للمبادرات.
طبعاً الصورة الكاملة لن تكتمل في هذه الفترة لأننا جميعاً جيلاً قديماً أو معاصراً أو حديثاً ما زلنا ننتظر مرور فترة حاسمة حتى نتحدث بانطباعتنا عن التكنولوجيا اليوم ودورها الذي تلعبه بكافة المجالات على كافة البشر.
لا يا أخي نسبة الفاشلين و التافهين بين الاجيال هي فقط متفاوتة بشكل تنازلي من الأجيال القديمة إلى الحالية (الجيل الحالي ذو أكبر نسبة طبعا)
سأفسر لك،
مثلا لإقناع مجتمع مسلم كامل بأن الزنا حرية شخصية.لن توجه له الفكرة مباشرة لأنه ببساطة سيضحك عليك.
الخطة تكمن في عشرات السنوات يكون فيها التأثير الفكري على المجتمع تدريجيا و بطيئا و ذلك يكون عبر مناهج التعليم و البرامج التلفزيونية...
لذلك الاجيال السابقة أفضل من الحالية(نسبيا).
بصراحة ، كم كنت أتمنى حقًا في بعض الأحيان لو لم يخترعوا الهواتف الذكية ، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة ، وأجهزة iPad ، والأجهزة اللوحية ، وما إلى ذلك. بالتأكيد ، إنها رائعة ومفيدة بشكل لا يصدق وممتعة لقضاء الوقت. لكن الطريقة التي يسيء بها المراهقون التعامل معها، وكونها حولتهم إلى غرف تحكم اجتماعي صغيرة أمر مروّع في الحقيقة".
لقد تغيرت طريقة حياة الناس عموما والمراهقين خصوصا بشكل تام عما كانت عليه قبل عشرين عامًا فقط. الآن ، هناك انخفاض كبير في التواصل وجهًا لوجه ، مما يقلل من قدرة جيلنا والأجيال القادمة على التفاعل مع الآخرين ومع الحياة.
ارتباط المادية بالتفاهة لا يمكن أن يكون مطلقاً
هناك بعض الحالات التي يكون ارتباط المادية بها حاجة مُلحة خاصة في الجوانب الجيدة للتكنولوجيا، مثل العمل عن بعد، نشر الفائدة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك إعلام هادف ومفيد.
وأعتقد أن هذه الفئة موجودة سواء كشركات أو مؤسسات أو أفراد أو خدمات، يعني وجود كيانات جماعية وفردية تركز على القيام بنشر الفائدة من خلال القنوات المختلفة حتى الإعلامية منها موجودة لكنها غير ظاهرة في موجة المادية الكبيرة الدارجة والفارغة كما قلت.
الكثير اليوم أصبح ينطوي فقط على المشبعات المادية والشكليات بسبب ارتفاع متطلبات العيش وخروج أماكن مبتكرة للترفيه ولقضاء الوقت وموازاةً بوجود التكنولوجيا سيظهر الأمر ويطفو أكثر من اهتمام البعض باظهار الجانب المفيد في المجالات المختلفة الأخرى.
يمكننا القول أن هذه حريات شخصية لكن ما نراه اليوم من انعكاس هذه الماديات على قيمة الفرد في المجتمع ومكانته يؤدي لجعلها تظهر بشكل فارغ تماماً ومؤذي لتقبله حتى أنا شخصياً لا أؤمن به وأقبله.
لكن لا أرى حلولاً خصوصاً على صعيد الإعلام الذي أصبح يتماشى مع صيحة واتجاه الآخرين الدارجة والفارغة المضمون والعكس صحيح أيضاً في دعم هذه الأفكار وتوطينها في عقول الجيل الحالي وبالتأكيد الأجيال الصاعدة!
في الحقيقة التكنولوجيا سلاح ذو حدين من استعملها بشكل مناسب اغتنى منها وتطور وتقدم ومن استخدمها بشكل سئ فقد هوا الى الحافة نرى الكثير من الناس ذو فضل كبير في التكنولوجيا حيث تعلمو وعلمو وها هم يصنعون مواقع ومنصات تدعم الشباب للعمل ولكسب المال وبالمقابل نرى الكثير من التافهين الذين يستغلون التكنولوجيا بشكل سئ لشهرة الممرضة ولكسب المال بطرق محرمة وغير شرعية إلخ... وبالنسبة للملهيات فقد كثرت بشكل كبير من تصوير نفسه وهو يأكل ومن اتباع الموضى التي ليس لها اي داعي وإلخ... فعلا الشخص يرتقي بفكره وليس بلبسه وماله ونسبه وفعلا المجد للساعين ليس للخاملين.
وصل اهتمام البعض بإبهار الناس لدرجة غريبة، بسبب إدمان وسائل التواصل الإجتماعي وتمجيد بعض مشاهيرها لدرجة جعلهم كنماذج ما علينا إلا أن نصبح نسخًا مكررة منها حتى نُثير الإعجاب!
أصبح وكأن الجميع يحاول إثبات أن ملابسه مثلًا هي الأفضل وأن عائلته هي الأسعد، وأنه الأفضل في الترفيه والسفر وغيرهما، فبدلًا من جعل شغلك الشاغل هو محاولة إثبات هذا على وسائل التواصل، اسعى لتحقيقه فعلًا على أرض الواقع.
المشكلة أن الجميع أصبح يُصدر نسخة مصطنعة من نفسه ويعرضها على وسائل التواصل الإجتماعي في انتظار أكبر عدد ممكن من الـLikes والـComments، وقد لا تُمثل تلك الحياة التي يعرضها أي شيء من حياته الحقيقية أصلًا!
فالبعض يخرج للترفيه مع أصدقائه مثلًا ويقضي كل وقته تقريبًا في التقاط الصور لاختيار واحدة لمواقع التواصل الاجتماعي! إذًا فأين المتعة؟ أين الاستمتاع باللحظة؟ الصور أُخترعت لتوثيق اللحظات السعيدة لا لإفسادها!
للأسف أُصيب معظمنا بهوس وسائل التواصل الإجتماعي حتى أصبحنا لا نعرف أنفسنا أصلًا، فالحقيقة شيء والشخصية الموجودة على وسائل التواصل شيء آخر! فما هي إلا نسخة مكررة ومقلدة من مشاهير وسائل التواصل، حتى بدأ كل شخص يفقد تميزه وأصبحنا نسخًا متشابهة.
طبعًا كلامي لا ينطبق على الجميع، ولكن للأسف نسبة كبيرة من المجتمع خاصةً الأجيال الجديدة أصبح إبهار الجميع على وسائل التواصل الإجتماعي هو شغلهم الشاغل!
التعليقات