برأيك هل تنجح العلاقات بين أطراف من مستويات مجتمعية مختلفة

رُبما الأمر نسبيًا أرى أن هناك من إرتبطوا بمستويات إجتماعية وثقافية مختلفة ولكن نجحوا بشكل كبير ، وهناك العكس

نرى ظاهرة الطلاق تنتشر بشكل غير معهود في أسرنا مع أن هناك تقارب في المستويات الإجتماعية والثقافية بين الطرفين ، وفي الوقت نفسه قد يحدث الطلاق في حال إختلاف المستوى الإجتماعي والثقافي وعدم التكافؤ .

أعرف من محيطي أن هناك فتيات تزوجن من أشخاصًا من غير مستواهم سواء كان الثقافي أو الإجتماعي ولكن علاقتهم ناجحة ويُضرب بها المثل .

من وجهة نظري ، أرى أن التكامل في العلاقات والتفاهم والنضج العقلي والنفسي و الخلق الحسن و أن يكنُ الشخص مشاعر الحب للطرف الأخر من أهم صفات النجاح في أي مشروع إرتباط .

هل ترى أن اختلاف المستوى الاجتماعي بين الأشخاص يمكن أن يهدد علاقتهم بالفشل، أم أن الأمر نسبي بين علاقة وأخرى؟

أجد أن تعميم هذه القاعدة فيه شيءٌ من الظلم. فالأمر نسبي ومرتبط أكثر بنفسيات المرتبطين والأشخاص. الكثير من العلاقات التي أعرفها كان هناك انسجام واضح ومحاولة دائمة لتقارب الأفكار على الرغم من الاختلاف في المستوى الاجتماعي.

في حين علاقات أخرى كانوا من نفس الطبقة لكن كانت بينهم من المشاكل ما يكفي لإنهاء أي علاقة سعيدة.

هذه القضايا لا تحتمل إجابة من اثنتيْن، صح أو خطأ، أبيض أو أسود، يمين أو يسار، بل هي دائمًا ما تقع في المنطقة الرمادية، في المنطقة التي لا يُمكن الحكم عليها بإجابة ضد أخرى. هي مسألة نسبية مرتبطة بعواطف ومشاعر، فإن وُجدت هذه العواطف كان الطريق أمام تذليل العقبات وإزالة كافة الحواجز الاجتماعية حاضرًا.

أما إن غاب التوافق الفكري والعاطفي، فتبدأ العقبات بالظهور والعلاقة بالتذبذب دون النظر إلى المستوى الاجتماعي.

وهل تشترط الارتباط من مستوى اجتماعي وثقافي ومادي مقارب لك أم أنك يمكنك تقبل الارتباط من مستوى مختلف؟

حتى لا اكون خيالية، سأتحدث عن تجربتي الشخصية. ارتبطت بشخص من طبقة اجتماعية مختلفة، ومستوى تعليمي أقل مني،، لكنني لم أجده يومًا مختلفًا عني، ولم أجد هذا الاختلاف فيما بيننا عائقًا، أو لم أشعر بأثره يومًا. بالعكس، أجد أننا أسسنا مشروع عائلة ناجح والحمد لله، وفي كثيرٍ من الأمور تكون لديه آراء أكثر حكمة مني، ونحن قائمان على علاقة أن كلًا منا يُكمل الآخر. لا أحد مكتمل، فالنقص الذي عندي يُكمله اكتماله، وما ينقصه أنا أكمله.

التفاهم والرضا أساس أي علاقة، والمفاهيم المادية والاجتماعية والثقافية مجرد مببرات بنظري لإنهاء العلاقة تنبع من سخط على الواقع وعدم رضا بالمقسوم.

اذاكان احد هؤلاء الطرفين يرى ان مستواه فيه خلل ، او يخجل منه فهذا سيسبب الكثير من المشاكل ، وايضا لو كان احدهم يرى ان مستواه الاجتماعي افضل من شريكه فيبدأ ينظر له بفوقية فأيضا هذا سيحدث مشاكل ..

لكن فكرة التوازن في الشخصيات من البداية وكل منهم يعلم ان الاخر هو شخصه تعامله اخلاقة ، وليس في ماله وما يملك واين يعيش ، لانه في لحظة ما قد يفقد اي منهما كل هذه الامور ، وبالتالي لا يتبقى له الى هذا الانسان الذي ارتبط به .

لذلك لا بد ان تكون الشراكة من البداية مبنية على الاختيار الصائب الذي قال عنه الرسول :

قال صلى الله عليه وسلم ((إذا أتاكُمْ مَنْ ترضونَ خُلُقَهُ ودينَهُ فزوِّجُوهُ، إنْ لا تفعلُوا تكُنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ)

اما عن المرأة :(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك)

فعندما يكون هذه الاسس التي وضعها الاسلام هي المطبقة في الاختيار يختلف الامر، ليصبح الوضع المادي ثانوي.

الامر يعود الى الشخصية وكيفية التعامل والدين اذا كان الشخص ذا خلق رفيع وذا دين عميق فلا شك ان العلاقة سوف تكون اقوى من الحديد المال لبس مقياس ولا المستوى الاجتماعي ولا الثقافي الحياه تسير بفهم كل الطرفين لبعض مهما كان حالتهمالمادي اعرف اناس تزوجو من هم قريبين منهم حالا ولكن فشلت العلاقة لانها ليست مبينة على الهلق والدين بل مبنية على انها او انه شخص ذو مال ومنصب إلخ... دون الاخذ بعين الإعتبار الدين والهلق الذي وصى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم.

رأيي أن الموضوع لا يمكن تعميمه، بل يختلف من طبيعة شخص إلى آخر، فالبعض قد يتقبل العيش مع شخص مختلف عنه تمامًا في المستوى الاجتماعي ويتقبل هذا وسرعان ما يتأقلم مع الوضع الجديد ولا يواجه فيه أي مشكلة.

ولكن البعض الآخر لا يستطيع التأقلم مع تلك الفكرة، وتحدث المشكلات سواء بين الزوجين نفسهم أو بين العائلات، ونسمع عن هذا كثيرًا للأسف.

لذا أرى أن كل إنسان أدرى وأعلم بنفسه، فيجب دراسة الموقف بدقة إن وضعت فيه، فالبعض يظل يردد أن الحب هو كل شيء وأن المستوى الاجتماعي لا يهم، ولكن بعد فترة تجد أن الجميع يعلم بشأن خلافاتهم على الأمور المادية والتي قد تصل للطلاق!

لذا فلا نريد ترديد شعارات فقط، فكر مع نفسك، هل أنا سأتحمل هذا الوضع وأتأقلم عليه وأحبه؟ أم أنني غير مقتنع داخليًا بالفكرة أو غير مرتاح؟

وبعدها يمكنك الوصول للحل الذي يُرضيك، فلا تظلم نفسك أو غيرك.

فكما قلت أن الموضوع يتوقف على الأشخاص نفسهم وعلى شخصياتهم، ولا يمكن الفصل برأي عام في تلك الحالة.

فقد تحدث المشكلات سواء من الطرف الأعلى ماديًا فيتجرأ على الاستهزاء بمستوى الطرف الآخر، وقد تحدث أيضًا من الطرف الأقل ماديًا إذا كان غير راضي عن مستواه وغير قنوع.

أما إذا كان كلا الطرفين عقلياتهم ناضجة وقادرة على استيعاب هذا الاختلاف في المستوى والتأقلم عليه، حينها ستنجح العلاقة بلا شك.