الانفتاح على الآخر يقودنا إلى اكتشاف مناطق لم نكن نعرفها عن أنفسنا من كتاب “ربما عليك أن تكلم أحدًا”

الحوار يتطلب الاستماع العميق أكثر من الحديث. عندما تفتح قلبك وعقلك للآخر، فإنك تفتح نافذة ترى من خلالها نفسك بشكل أوضح. سرّ إنجاح الحوار هو التواضع.. أن تدرك أن الحكمة ليست حكراً على أحد، وأنك كما تُعلّم، تُعلَّم. التغيير الحقيقي يبدأ عندما نتعلم أن نصغي بإخلاص، لا لنرد، بل لنفهم.

من الضروري حسن اختيار من نحاوره، فليس كل من نعتبره صديق سيكون مناسب لتأدية هذا الدور، البعض لا يستطيع إدارة الحوارات العميقة أو المفيدة، يتجهون لتسطيح الأمور أو الابتعاد عن المحور الأساسي له والبعض يكون متمسك برأيه لدرجة لا يمكن حتى أن يسمح بالنقاش أو ألا يغضب ويرفع صوته وهو يناقش، لهذا المعيار الأساسي للاستفادة من الحوار أن يكون كلا الطرفين على درجة كبيرة من النضج والصبر للاستماع بعناية وتقبل كل الآراء ونقدها أو تأييدها بموضوعية.

عند مشاركة الأفكار مع صديقتي يمكنني أن أرى مواقف حياتي من منظور مختلف، مما يساعدني على تطوير ردود أفعالي والتعلم من أخطائي، وكذلك لأن الآخرين من الممكن أن ينتبهوا لأمور لم نستطع الانتباه لها، ومدنا بأفكار من تجاربهم الشخصية. 

أعتقد أنه كي نتغير، لا يكفي التواصل فقط، بل نحن بحاجة إلى الإيمان أو الاقتناع بما قاله الطرف الأخر، هنا يصبح التواصل هو السلم أو الجسر الذي استخدمناه للتطوير والتعلم، لكنه ليس الفاعل الرئيسي، وإلا كيف نفسر حدوث مئات المرات من التواصل مع من حولنا وخرجنا بنفس القناعة التي دخلنا بها، بنفس الرأي ولا تغير فينا أي شيء.

لكي نستفيد من الحوار وننجحه في هذا السياق، علينا ان نقتنع بما يقوله الطرف الاخر، وعلى الطرف الأخر ان يقدم ما نحتاجه للإقتناع، أي علينا دور في تجهيز انفسنا وعلى الطرف الاخر دور في بذل العناية الكافية لاقناعنا، وإلا لن يكلل الحوار والتواصل النجاح.

ملاحظتك هذه صحيحة تماما وأنا أطبقها بالفعل في حياتي، فمثلا عندما يعرض أحدهم علي مشكلته لمساعدته على حلها أجدني قد ابتكرت حلا لم أفكر فيه قبل ذلك.

بالإضافة إلى أن التواصل مع الآخرين أيضا يجعلني أعرف إذا كنت مخطئا أو مصيبا في قراراتي السابقة على مدار حياتي لأنني أفهم كيف يفكر الآخرون في الأمور الحياتية التي نمر بها.

أما عن كيفية الاستفادة من هذه الحوارات في رأيي أن الإنصات بمفهومه الخاص هو سر الاستفادة.. بمعنى التركيز في الكلام ومشاركة الآراء أثناء التواصل يعزز مراكز الإدراك في الدماغ لفهم الأمور بشكل أكبر وأوسع.

لاحظت في تجاربي، كما قلتي أن الحوار قد يكون أداة قوية لتغيير الأفكار، أن طرق الإقناع من أصعب المهارات في الحياة، حتى لو امتلكها بعض الأشخاص ربانيًا، لذا إقناع شخصًا ما بفكرة قد يتحقق بطرق غريبة في الإقناع ولكنها مختلفة من شخص إلى آخر، مثل الحُلُم الزائد وكأن أم تكلم طفلها الذي ينجح مع شخص ما، وأتذكر أحدًا آخر لا يقتنع إلا بتخويفه من عواقب أفعاله أو توبيخه عليها، لذا آرى أن أدارة حوار ناجح تتطلب فهم للشخصية التي نحاورها في الأساس، أي نوع من الأشخاص هو؟

الحوار مفيد بالطبع ولكن ما الذي جعلك تظنه أنه سبيل للانفتاح، أنا مثلاً قد أتحدث هنا بحديث يظهرني كمؤيد لحقوق المرأة ومعادي مثلاً للعنصرية بينما أنا عنصري وذكوري لا أعترف بالمرأة.

لذلك لا أرى الحوار سبيل لذلك ربما هو أبسط درجات الانفتاح وذلك أيضا لو كان الحوار نفسه صادق وغير مصطنع، ولكن الأغلبية باتت بسبب الصدمات والتجارب السلبية تغلق على نفسها، لدرجة أنني أعرف أشخاص يخفون عن زملاء العمل طبيعة دراستهم وهوايتهم ورغباتهم وأي معلومات قد تبدو بسيطة خوفاً من أن يبدو واضحيين