"في مجتمع يمجد النجاح بأي ثمن، يصبح الفرد مجرد أداة تُسحق تحت وطأة الطموح الجماعي" لم أجد أنسب من هذا القول الأليم والواقعي من الكتاب للكاتب جون رالستون؛ لكي أمهد الحديث عن جريمة جماعية يرتكبها الجميع في حق الجميع هنا.

نحن بشكل أو بآخر وبقصد أو بسهو نستمر على مدار اليوم في قتل بعضنا البعض ولا نبالي ولا ننتبه، وهذه الأزمة ليست بجديدة، ولكن لا يعير لها أحد أي انتباه.

منذ الصغر يقتل مجتمع الآباء الأبناء بساهم المقارنة والتحكم، ثم يقتلنا مجتمع زملاء الدراسة بسهام التنمر والتفريط، ثم يقتلنا مجتمع العمل بسهام الواسطة وقتل الطموح والتوقع.

الأزمة هنا ليست في فئة بعينها ولا تنتج عن سلوك محدد، أنها نتاج نهج قاتل من الأفعال نرتكبه يومياً بحق الآخرين ولا نبالي بنتيجة ذلك، نقتل بالقول والفعل والنظر والمقارنة والتوجه، ولو أن أحد ركز النظر علينا بعين توزع التهم فلن يبرأ منا أحد.

أصبح الجميع هنا قاسي للغاية وكأننا أدوات لمجتمع هش ومظلم يحركنا ليقضي على من لا طاقة له للمقاومة والاستمرار، ولو نظرنا للدراسات والاحصائيات سنجد أن معظم المصابين بخلل أو مرض نفسي حدث معهم الأمر داخل الأسرة أو في نطاق مجتمعي، وذلك نتيجة أفعال صغيرة متتابعة على هيئة سهام قاتلة لم يبالي من ألقاها.

فكيف نتوقف عن قتل بعضنا البعض، ونحاول أن لا يكون هذا العالم مقبرة جماعية للنفوس ؟