في خيالنا جميعاً عندما كنا صغار كان هناك تصور أن المجرم هو شخص اجتمعت فيه كل الخصال السيئة والطباع الخبيثة والأفعال القاسية، ولكن عندما كبرنا تلاشت هذه الصورة، وأدركنا أن المجرم قد تكون خصاله كخصالنا وكذلك طباعه وأفعاله، ولكن الاختلاف في الفعل ودافعه فقط.
ولم نكن ندرك أن جماعات المجرمين أو كما نطلق عليهم لقب المافيا قد يكون لديهم من الخصال والطباع الحميدة ما لا نمتلكه ونتحلى به نحن، وهذه تبدو مفارقة عجيبة في السلوك والنهج ولكنها موجودة، وهناك أدلة عديدة عليها.
ومن المؤكد أننا سمعنا أخبار مثل تبرع مافيا ثقلية بمبلغ ٧٦٠ مليون دولار للمؤسسات الطبية أثناء وباء كرونا، كما سمعنا عن قيام المافيا البرازيلية بفرض حظر إجباري أثناء فترة الوباء بعد تقاعس الحكومة عن ذلك، ولا نجهل أيضاً دور مافيا الياكوزا أثناء زلزال كوبي أو إعصار تسونامي، وهناك الكثير من هذه الأعمال الخيرة صدرت عن جماعات كبيرة من المافيا.
وليست الأفعال الخيرية فقط هي ما تسير التعجب، ولكن هناك قيم وطباع وثوابت خلقية ربما لا نتحلى بها نحن بينما هم متمسكون بها إلى اليوم.
وكلما فكرت في ذلك وحاولت أن أنسبه إلى الاضطرار أو الصدفة يستوقفني قول ماريو بوزو مؤلف الكتاب " المافيا كانت وستظل يد بيضاء خفية تحاول الحفاظ على الكون ولكن لا أحد يدرك سوى العقلاء"
فما هو تفسيركم لمثل هذه الأفعال التي لا يفعلها معظم القادرين عليها من الأخيار في مختلف المجتمعات؟
التعليقات