لماذا ليس لدينا في الأدب العربي روايات خيال علمي مثل الروايات الغربية؟

ولكن بها القليل من الخيال العلمي والكثير من الخيال فلنقف هنا قليلا

أظن أنك تبحث عن الخيال العلمي الصلب ، أو الخيال الذي يتم بناءاه وفق نظريات علمية حقيقية ويحاول طرح تصورات لمستقبل تطور البشرية عبر تلك النظريات ، وبالتحديد أن تبحث أكثر عن روايات الخيال العلمي المشابهة لأدب جول فيرن و هربرت جورج ويلز ، فالأول تنبأ بوصف كامل للغواصة حتى قبل التفكير في أختراعها ، والثاني وضع نظريات حول ألة الزمن ولكن التصور الأهم هو رحلة إلى القمر حيث أعتمد على العديد من التصورات عن كيف ستكون الرحلة للفضاء (تم إعتماد أغلبها) ، ويعد الخيال العلمي الصلب هو من أصعب انواع أدب الخيال لأنه يجب على المؤلف فيه أن يكون قبل الشروع في كتابته مطلع بشكل هائل على الموضوع الذي يتحدث عنه حتى يقدم تصور أقرب للحقيقة عن المستقبل في الغد أو في الفضاء أو في أعماق البحر أو الصحاري أو الاكتشافات الجديدة العلمية ألخ ، ويبني تصورات على تلك الأساس بشكل يجعلك ((تصدق ما تراه)) مهما بدا خيالياً ، وبالفعل هذا النوع من الأدب نادر للغاية لصعوبة كتابته لأنه يحتاج للكاتب بذل وقت وجهد كبير في عملية التحضير وحدها فما بالك بالكتابة ، بالإضافة إلى أن الجمهور (سريع الملل) ((لا يريد)) التبحر في مسائل علمية معقدة والتفكير والبحث في تفاصيلها ، أنظر على سبيل المثال كيف قام الجمهور بمهاجمة فيلم tenet فقط لأنه حمل إليهم نظريات علمية معقدة ، وبالنسبة للوضوع في مصر فهو أسوأ حيث لا توجد شريحة كافية للاهتمام بتلك النوعية من الأدب (الخيال العلمي الصلب) الذي يعتمد في بنائه على الأسس العلمية .. لأننا ببساطة (أغلبنا) لا يقدر قيمة العلم في حد ذاته

بالطبع القصص البوليسية سيكون لها الغلبة، أدهم صبري رجل المخابرات الملقب برجل المستحيل ومغامراته وحبه لمنى توفيق وإتقانه للتنكر وعدة لغات

هذا حلم من أحلام الطفولة تشويق ومغامرات وهروب وإختطاف، انظري كم جزء لسلسلة أفلام جيمس بوند

الأمر مربح لشركات الإنتاج ويداعب خيال البطولة الجمهور

بالنسبة لنقطة عدم إهتمام الغالبية العظمى بالقراءة فهذه حقيقة مع الاسف وكان وجود صديق يحب القراءة في هذا الوقت هي غاية المراد من رب العباد

بالفعل فترة الثمانينات والتسعينات كانت مليئة بالأعمال الأدبية الجيدة الموجهة للناشئة بشكل واضح وأنتجت لنا تلك الفترة أغلب كتب الخيال العلمي المبسطة والروايات البوليسية التي نعيش عليها حتى يومنا هذا.

وقتها كنا في المدرسة نتبادل القصص وحتى أعير قصصي لأي طالب مجانا ... واستطيع أن اقول ٩٠% منهم كان مهتم بالقصص البوليسية و١٠% بالخيال العلمي...

برأيك لماذا كان غالبية الطلاب يميلون للقصص البوليسية أكثر من الخيال العلمي؟

أعتقد أن هذا يمكن إرجاعه بشكل كبير إلى الخلفية التعليمية والثقافية للمؤلف

بالتأكيد هذا أحد أهم الأسباب فإن الكاتب يكتب بناءا على خلفيته في الأساس فمثلا نجيب محفوظ كان دارسا لللفلسفة وقارئ جيد للتاريخ لهذا تجد أعماله مزيجا فلسفيا تاريخيا أنتج لنا أعمالا خالدة، وفي الغالب أغلب كتابنا يهتمون بنفس الأمور، لذا يمكن أن نرجع قلة وندرة أدب الخيال العلمي لدينا بسبب عدم توافر الخلفية العلمية الكافية لدينا في مجتمعاتنا ألا تتفقين؟

وبالنسبة لرواية أرض زيكولا فهي أيضا تنتمي للفانتازيا وليس الخيال العلمي كما أنني طالعتها قديما لم يعجبني أسلوب الكاتب وجدته ساذجا بالنسبة لي مقارنة بالأعمال التي قرأتها.

برأيك ما السبب في ارتباط مجتمعاتنا بالأعمال الدرامية الإجتماعية خاصة في الأدب وحتى الأعمال الدرامية الفنية؟

أعتقد أن ردي على الجملة والسؤال سيكون من نفس السبب، كما ذكرت أنا لم أقرأ الرواية، لأني لا أميل لروايات الخيال العلمي عامة وخصوصًا العربية، لكونه كما ذكرت أنت ساذج لا يثير عقلي ومخيتي بتاتًا، ليس كنوعية روايات دان براون التي تجعلك تتخيل كل مشهد تقرأه، وتنبهر بذكره لأقل التفاصيل، وأيضًا استخدامه لحبكة مقنعة للغاية حتى ولو كانت نهاية الرواية غير مرضية لك كقارئ ولكنها منطقية بالنسبة لسياق الرواية.

سبب ارتباطنا كمجتعات عربية والأعمال الدرامية، أولًا لأننا شعوب عاطفية وتهتم بالتقارب العائلي والأسري على عكس المجتعات الغربية، ثانيًا الكتابات الدرامية لدينا على المستوى الأدبي أولًا ثم الفني رائعة جدًا وتفاصيلها مليئة بمشاعر مختلفة ما بين حب وكره ومأساه وذنب، مشاعر إنسانية خالصة، وثالثًا كون معظمها أما يوصف أحداث في الماضي أو قصص من الحاضر، فمثلًا رواية "عداء الطائرة الورقية" تناولت قصة مؤثرة بكتابة أعجز عن وصفها للمشاعر، لذلك لاقت إعجاب كبير جدًا لما لها من تأثير لا يمكن محيه، هذا السبب في رأيي لحب مجتمعاتنا للدراما لأنها مشاعرها تبقى وتؤرق كيانك على عكس الخيال العلمي وخاصة إذا كان من النوع الساذج، قراءة ستنتهي مشاعرها مع أخر كلمة في الكتاب.

ولكن يوجد لدينا من الكفاءات في مجال الإخراج والتصوير والموسيقى التصويرية حتى في مجال الجرافيك، الدليل الإستعانة وقت تصوير مسلسل موون نايت مثلا بمخرج مصري وهشام نزية في الموسيقى وتقني أخر في مجال التصميم لم أستحضر إسمة، المشكلة أراها تمويلية في المقام الأول مع عدم جرأة المنتج على تقديم مثل هذه الأفكار