روايات رجل المستحيل... كيف تزرع الوطنية في عقول القراء

وهل ساهمت القصص الخيالية في رسم أخلاقيات معينة بنفوسنا دون وعظ مباشر

كل ما نشاهده وما نقرأه نتأثر به ويساهم في تكوين شخصيتنا، وهكذا المسلسلات والأفلام والاعلانات والروايات لعب دور كبير في تفكيرنا وحبنا أو كرهنا للوطن، طريقة استيعابنا للأمور كذلك.

علينا أن ننتبه للجيل الحالي وما يتعرض له من غزو ثقافي وتفكيري من خلال الأفلام والمسلسلات المعروضة والروايات التي تشكل التفكير الغريب عن ديننا وثقافتنا، تغير الأمم يبدأ من هذه النقطة، ما نشاهده وما نقرأه يلعب دور كبير في عملية بناء تفكيرنا.

الغريب أن الجيل الذي نشأ على بطولات أدهم صبري يحب وطنه بشدة ويردد شعارات الوطنية في كل وقت؛

أرى أن الميزة لم تكن في الروايات بحد ذاتها ولا حتى بأدهم صبري، وإنما الأمر يتعلق بمحددات المجتمع آنذاك فالوطن والوطنية هي مواضيع كانت تأخذ كل تركيزنا في السابق قبل التشتت في مواضيع العصر الحالي وظهور الترند التافه.

روايات الرجل المستحيل ربما كانت التسلية الوحيدة التي مارسها جيلنا حين لما يكن هناك وجود للإنترنت وحين وجد لك يكن بإمكان الجميع قضاء وقتاً طويلاً أمامه ولذلك العوامل الاجتماعية والثقافية هي من حفزت هذه الروايات للوصول إلى مرتبة متقدمة في اهتمامتنا حيث لم يكن هناك منافس آخر.

الغريب أن الجيل الذي نشأ على بطولات أدهم صبري يحب وطنه بشدة ويردد شعارات الوطنية في كل وقت

هذه الجملة تُحيلنا بالضرورة إلى التعمّق أكثر في رؤيتنا المجموعية لمعنى وتعريف حبّ الوطن أو الانتماء، وحتى أستطيع نقل وجهة نظري أريد أن أضرب مثالاً قد يبدو غريباً ولكنّه قد يوضّح الصورة:

هل الأبناء حين يعيشون مع أمهاتهم يقومون بترديد كلمة بحبّك أو كلمات الشكر والحب على مسامع آبائهم من أم وأب يومياً؟ بالطبع لا، إذاً كيف يستدلّ الوالد وتستدلّ الوالدة أنّ هُناك حباً حقيقياً يجمعهم في هذا البيت؟ عبر الأفعال والسلوكيات الداعمة التي تُعزز الصلة حرفياً بينهم مع كُل موقف، حيث الأخ يدعم اخته بموقف ومن ثمّ يساعد أبوه في مواقف ويحنّ على أمه.

وبالمثل برأيي علاقتنا مع الوطن: الحالة السابقة التي تتحدّثين عنها برأيي ليست حالة طبيعية وما كان يعيشه العالم العربي ككل في مرحلة الخمسينات إلى الـ 2000 تقريباً من ترديد شعارات ليل نهار ليس مؤشراً على حبّ الوطن نهائياً وإنّما حالة يتماهى فيها الإنسان مع مجتمعه وفقط، وبالمثل حالياً: يجب أن لا نُعيد غلطة الروايات السابقة والكتب السابقة ونُغذّي من جديد مشاعر الشباب بالميلودراما الوطنية التي تحثّ فقط الإنسان على تقديم الولاءات والشعارات وإطلاقها عالياً.

بل على الجميع دعم رحلة الشباب الحاليين في الوطن العربي نحو تأسيس دول مواطنة (حقوق وحريات وواجبات) ولهذا يومياً نسمع عن تريندات حقوقية في الإعلام ونضال الشباب مستمر ولو بصورة غير كبيرة جداً ولكنّها دائرة تتوسع بالتأكيد.

الخلاصة: أرى أنّ هذه الروايات تُساهم في بناء وتوسيع الفرق والهوّة بين المواطن وواقعه، وهذا الأمر رأينا بأمّ العين كيف أنّهُ لم يُغني عن مصائب قد لحقت على المستوى الاقتصادي ولم يُساهم في التقدّم بخطوات ملحوظة نحو التطوّر الحقيقي على عكس المناطق الأوروبية التي ما زالت تعتني يومياً بالقيم الإنسانية ومفاهيم المواطنة في نتاجها الأدبي.

لا يمكن الجزم بشكل قاطع بأنها شرارة حماسة لحب الوطن، فالأمر يعتمد على الفرد وعلاقته بالنص المكتوب، فقد يؤثر الكتاب على شخص ولا يؤثر على آخر. ولكن يمكن القول بأن الأدب الوطني والقصص الخيالية قد تلعب دورًا هامًا في رسم القيم والأخلاقيات في بنيان شخصية الفرد وتشكيل تصوراته عن الوطن والانتماء الوطني.

وفيما يخص استعادة تأثير الكتب والروايات بين شباب الجيل القادم، فمن المهم التركيز على تطوير ثقافة القراءة وجعلها عادة يومية للأفراد. يمكن العمل على تحفيز الشباب على القراءة بطرق مختلفة مثل تنظيم مسابقات قراءة وإقامة أنشطة تفاعلية.

ولا أتفق معك أن الجيل الأصغر لا يهتم بحب الوطن، فقد يختلف الوعي والاهتمام بين الأفراد من جيل لآخر. ومع ذلك، فإن التحولات التي طرأت على الثقافة والتكنولوجيا وسائل التواصل الاجتماعي قد تؤثر في نوعية الارتباط بالوطن وطبيعة التعبير عن الانتماء الوطني. رغم كل الغزو الثقافي والفكري الذي يتعرض له شباب اليوم لكن نجد الحقيقة وفطرة حب الوطن والانتماء تطفو وقت الأزمات وفي الأوقات التي يظن الجميع أنها لم تعد موجودة.

ومن الممكن أن يكون الجيل الأصغر أكثر انفتاحاً وتوجهاً نحو العالمية والتعددية، وهذا لا يعني بالضرورة عدم اهتمامهم بالوطن وحبه. وقد يكون أكثر انشغالاً بمشاكل الحياة اليومية والاقتصادية والاجتماعية، ولذلك قد يكون تعبيرهم عن الانتماء الوطني أقل بروزاً.

على عكس الجيل الأصغر منه الذي ربما انشغل أغلبه باختراعات النت ووسائل التواصل وقلما نجد أمور حب الوطن تشغلهم.

أختلف معك في هذه النقطة، لا يوجد جيل وطني اكثر من غيره، كل جيل يوجد هذه الفئة الوطنية السامية التي تحب وتدافق عن الوطن بكل ما أُتيت من قوة، وأيضًا الجيل الجديد لم يلتهي بالإنترنت عن وطنه ووطنيته، ألقي نظرة على وطنية أبناء الجيل الأصغر وستعرفين أنه العكس.

 فهل كان ما يكتبه د. نبيل فاروق رحمه الله شرارة الحماسة لحب الوطن فعلا؟

فيما يخص الكتابات أشعر بأن الروايات، القصص، والكتب القديمة كانت أقوى، تعبيراتها مختلفة عن اليوم لهذا يكون لها تأثير داخلنا أكبر مما نقرأه اليوم من قصص وروايات.

وهل ساهمت القصص الخيالية في رسم أخلاقيات معينة بنفوسنا دون وعظ مباشر

أعتقد ان هذا حدث على الأرحج. الجيل الحالي لم ينل نصيبه من قصص الأخلاق والمبادئ، في الواقع هو لا يعرف الكثير عنها. نلوم هذا الجيل كثيرًا ولكني أراه مظلومًا بشدة؛ فنحن لا نفكر في المدخلات التي ولجت إلى عقله ليصبح بهذا الشكل، تائهًا لا يعرف شيئًا عن وطنه ولا عن عرقه أو دينه، والأسوأ أنه يعيش حضارة غيره بلا أي إحساس بالهوية. في بعض بلاد الغرب يمثل حب الوطن عندهم مثلًا خطًا أحمر، حتى ولو كانت الإدارة سيئة وكانت البلاد تمر بأسوأ الظروف فإنهم يفصلون بين هذا الأمر وحبهم لوطنهم الذي هو أرضهم التي تربوا فوقها، وأحزن كثيرًا لعدم تحقق هذا في أوطاننا.

وهل ساهمت القصص الخيالية في رسم أخلاقيات معينة بنفوسنا دون وعظ مباشر وكيف يمكننا استعادة تأثير الكتب والروايات بين شباب الجيل القادم؟  

بالفعل أتفق معك مريم الجيل القديم لديه انتماء وحب للوطن وتفاصيل المقاومين الذين خاضوا الحروب في مقاومة المستعمرين أكثر ، لو أردنا سؤال شاب من الجيل الحالي عن أحد أهم القيادات التي قاد ثورة سنجد قليل من يعرف إلا ما تم تعلمه في المناهج العلمية ...

فكرة الجيل الحالي يحب المشاهدة فقط وأغلب المحتويات التي تستهدف الجيل الصغير الجذابة تكون بهدف الترفيه فقط ... وهذا بحد ذاته حرب موجهة لتجهيل العقول الناشئة وجعلهم أشخاص فارغين ، وكانها منهجية لتجهيل مجتمعات وليس مجتمع بذاته .

ولكن الفكرة بشكل عام بالفعل فكرة إنشغال الشباب الجيل الحالي بتطورات الحاصلة صرفتهم عن فكرة الوطن والتشبث به أعتقد لأن الجيل السابق منهم من عاهد الاستعمار وشعر بمرارته وكيف أن يكون وطنك مسلوب ؟ كيف يمكن أن يتحكم غريب بأمورك ؟ بجانب الكتابات التحميسية كانت ترسخ المفاهيم لديهم .

الوطنية مهمة جدا ويجب نشرها ونحن نعرف أهميتها لأن الأشياء تعرف بخلافها حيث أن الوطنية محظورة في بلدي!!!

الإعلام الموجه استبدلت الوطنية بالطائفية من الاف الحسابات التي تنشر على تويتر ليل نهار

عندما اقترب منتخب بلادي من لقب إحدى البطولات تم تفجير إحدى الملاعب وعندما اقترب اكثر حصل تفجير وسط الناس

بل حتى يتم وضع صور رموز دولة أخرى في البرلمان

{تعليق على مسألة الوطنية} حب الوطن: أمر فطري جُبِل عليه الإنسان، وليس هدفا أعلى يسعى الإنسان للتمسك به والتبشير به وبثه بين الناس. ومحاولة غرس (عقيدة تقديس الوطن) هو فعل مشابه لمن يدعو الناس لفريقه الكروي المفضّل ويتعصب له، ويراه أفضل من غيره. يجب ألا أنسى (كمسلم) أن الدين فوق الوطن وفوق كل انتماء آخر، وأنه لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى، لا بالوطن، ولا بالعرق. (لو كان الولاء للأرض ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم مكة، ولو كان للقبيلة ما قاتل قريشا، ولو كان للعائلة ما تبرّأ من أبي لهب، ولكنها العقيدة أغلى من التراب والدم !)

كتبت هذا التعليق لأوضِّح أن غرس الوطنية في نفوس النشء قد لا يكون محموداً في كل الأحوال، بل كثيرا ما يكون مذموما إذا لم تتم الإشارة إلى أولوية الانتماء الديني على كل انتماء. وتعليقي ليس موجها لاتهام كاتبة الموضوع، بل أراه يعبر عن أكثر من يتكلم عن الوطنية، فتجده يغفل موضوع الانتماء الديني عمدا أو جهلا، بل بعضهم توصَّل إلى أن أبناء الوطن الواحد إخوان ولو كانوا من ملل مختلفة!