قال عالم الاجتماع و المفكر جورج سيمل أن: لا شيئ قادر على توحيد الأمم أو جماعة من الناس بقدر ما يوحدهم وجود عدو مشترك! وبهذا المعنى، نفهم أن وجود عدو ضروري ليعطي معنى للحياة. فالشعور بالتحفز للعمل و للإنتصار و للبقاء على قيد الحياة يتعزز أكثر بوجود أعداء.

ولعلنا نفهم أهمية وجود الأعداء في حياة الأمم و الشركات الكبرى التي تبعث على المقاومة وروح العمل و التحدي؛ فقد يكون ذلك من سنة التطور و التدافع ولكن هل يلزم وجود عدو في حياة الأفراد؟! يقول العقاد في كتاب " أنا": لي بحمد الله أصدقاء ...ولي كذلك أعداء بحمد الله.... ومن الأعداء من تود لو تشتريه بمالك وسعيك إذا أنت افتقدته فلم تجده من حولك...فمن حقلك أن تشتري العدو الذي لا يعاديك إلا حسداً على النعمة؛ فليس أسوأ حالاً من إنسان على حالة لا يُحسد عليها وليس من الخير اتقاء حسده بخسارة نعمتك....

فوجود الأعداء في حياة الأفراد يعني نجاحهم وأنهم على حالة يحسدون عليها؛ فالحسد يُحمد في تلك الحالة! فالفاشلون هم من ليس لهم أعداء. ألا تتفقون معي؟ فالأعداء أيها الأصدقاء هم وقود النجاح كما يقول الشاعر:

من كان يشكر للصديق فإنني أحبو بصالح شكري الأعداء

هم صيروا طلب المعالي ديدني حتى وطئتُ بنعلي الجوزاء

ولربما انتفع الفتى بعدوه والسُم أحياناً يكون شفاء

وقد يكون لأعدائك اليد الطولى في نجاحك وأنت لا تدري؛ فادع الرحمن أن لا يحرمك من وجودهم:

عداي لهم فضلٌ عليً ومنةٌُ فلا أعدم الرحمن عنًي الأعاديا

هم بحثوا عن زلتي فاجتنبتها وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا!

فهل تعتقد أيها القارئ أن وجود الأعداء قد يحفزنا للنجاح أم يثبطنا فنفشل؟ وهل علينا أن نخلق الأعداء خلقاً إذا افتقدناهم أم نحمد الله على أننا محبوبون بدون أعداء؟